logo
منوعات

هل يؤثر التمثيل الصادق على صحة الممثلين النفسية؟

هل يؤثر التمثيل الصادق على صحة الممثلين النفسية؟
الفنان المصري أحمد زكيالمصدر: مواقع التواصل
21 يناير 2025، 7:25 ص

تنقسم مدارس التقمص في فن الأداء التمثيلي حول العالم بين المنهجية والتقنية، فالأولى تُركِّز على الأفكار والمشاعر الداخلية للشخصيات التمثيلية، بواسطة مناجاة الذات والمعايشة مع الشخصية، بينما الثانية تعتمد على التلاعب بلغة الجسد والانفعالات لجذب انتباه الجمهور دون صعوبات.

المدرسة المنهجية

ورغم اعتماد كبار الممثلين من حول العالم على المدرسة المنهجية في التمثيل، من أبرزهم هيث ليدجر، وأحمد زكي، لأنها الأصدق والأعمق في الأداء، فإنها الأصعب عليهم، وعلى وجه الخصوص في عملية استخلاص أنفسهم من الشخصيات التي يلبسونها، خلال مرحلتي التحضير والتصوير.

أحمد زكي، حالة تمثيلية خاصة، اتبعت المدرسة المنهجية في التقمص الفني للشخصيات التمثيلية، الذي لطالما رغب في محاكاة الواقع حتى وصل الأمر به إلى حد الجنون، وفقًا لروايات آراء نقدية وفنية.

أخبار ذات علاقة

الفنان المصري محمد صبحي

مواهب لافتة.. أحفاد نجوم يتميزون بعيدًا عن التمثيل والغناء

قال عنه المخرج علي بدرخان إنه أضر نفسه، أثناء أدائه لشخصية الضابط المفصول من عمله، في الفيلم الكلاسيكي الشهير "زوجة رجل مهم"، بسبب رغبته في محاكاة الحالة النفسية للشخصية الدرامية التي جسدها؛ ما أدى إلى إصابته بتهيج في القولون، نتيجة حدة انفعالاتها خلال الأحداث.

"نجاح" حقيقي أم مفتعل؟

أعلن الممثل محمد القس، عن لجوئه قبل عدة أسابيع إلى زيارة طبيب نفسي، عقب أدائه شخصية درامية معقدة، تصب في نطاق أدوار الشر، في مسلسل "برغم القانون".

بينما الممثل المصري محمد لطفي، كشف عن تعرضه لشرخ في الصوت، بسبب طبيعة شخصية "فرعون" التي جسدها في الفيلم السينمائي الشهير "كباريه"، قبل أعوام طويلة، وقد سبقهم أحمد زاهر في الإعلان عن تأثير دوره في مسلسل "كلام من ورق" على حالته النفسية بالسلب.

إلى جانب تصريحات الكثير من الممثلين المصريين مؤخرًا عن مرورهم بضوائق نفسية إثر التأثير السلبي لشخصيات تمثيلية قدموها بصدق فني، لأجل إسعاد الجمهور، كان أبرزهم أيضًا بطلات مسلسل "سجن النساء" للمخرجة كاملة أبو ذكري، نتاج فترة التعايش والتصوير داخل سجن نساء حقيقي في مصر آنذاك، واستمر لأسابيع طويلة.

احترافية وثقافة الممثل

وفي تواصل "إرم نيوز" مع الناقدة الفنية ماجدة موريس، قالت إن المسألة تتعلق بثقافة الممثل في المقام الأول، ومدى إدراكه للحالة التعبيرية التي يعيشها، بالبحث عن أصولها والتدقيق في طبيعتها كي لا يتأثر بها.

وأكدت على ضرورة لجوء الممثل للطبيب النفسي قبل أداء الأدوار الصعبة، للوقوف على جوانب الشخصية، ومشاعرها، وانفعالاتها، وأرجعت سبب تأثير العوالق النفسية للشخصيات التمثيلية على الممثل الذي جسدها، يعود لعدم احترافيته، وقلة ثقافته، وانعدام وعيه بطبيعة مجال العمل الذي يسلكه.

وضمنت وجهة نظرها، مستدلة بأسماء فنية سابقة، حيث عدت الراحلين نور الشريف ومحمود عبد العزيز من ممثلين مثقفين، قدَّما أدوارًا تمثيلية صعبة، وتوجَّها لتثقيف أنفسهما، بقراءات ومراجع علمية، نفسية، وفنية، للتمكن من التعبير الصادق، دون أن يلحق بهما الأذى.

أخبار ذات علاقة

الفنان عمرو عبدالعزيز

آخرهم "أم خالد".. عمرو عبد العزيز يرفض اقتحام البلوغرز مجال التمثيل

وتابعت: "أحمد زكي كان صديقًا لزوجي المؤلف الراحل فايز غالي، أعده أكثر ممثل، واجه صعوبات التخلص من عباءات الشخصيات التمثيلية التي تقمصها في الأعمال الفنية، إذ كان يستغرق الأمر معه فترات طويلة، حين كان تواصله مع أصدقائه لرغبته في تغيير الحالة خاصته، يسهم في إنهاء تلك المسألة معه، لكن بعد فترة ليست بقصيرة".

دعاية وهمية لجذب الأنظار

ومن جانبها، رأت الناقدة الفنية ماجدة خير الله أنه لا يوجد تأثير سلبي للتمثيل على صحة الممثل النفسية، معتبرة أن الحالة التعبيرية التي يعيشها الممثل لحظية، تنتهي بانتهاء تصوير المشهد التمثيلي، على حد قولها.

ورأت أن جميع الممثلين يدّعون تأثرهم بالشخصيات التعبيرية التي يجسدونها، بالإشارة إلى تعرضهم للأذى النفسي، لدواعي التعايش مع الأدوار التمثيلية، وصولًا إلى بقاء العوالق بداخلهم عقب انتهاء التصوير، للإيماء إلى حالة الصدق الفني الذي وصل للمشاهدين، بواسطة الأعمال الفنية.

وأكدت في تصريحاتها لـ"إرم نيوز" أنها تعد الأمر برمته طريقة دعائية وهمية، يقوم بها الممثل، بغرض لفت وجذب الأنظار نحوه، مستغلًّا انتشار الشخصيات التمثيلية المؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بادعاء تأثيرها النفسي فيه، للتماهي مع صدق التعبير الفني الذي يدعونه، وفق تعبيرها.

ومضت موضحة بالقول "على مدار عقود طويلة، لم تكن هناك أي حالات تم تسجيلها، فيما يخص تأثير الأدوار التمثيلية على صحة الممثلين النفسية، كما لم يلحق الأذى بأي منهم سواء داخل الوطن العربي أو من حول العالم، إنها مجرد دعاية عن الصدق الفني وحسب".

خلل نفسي في الشخصية الأصلية

بينما جاء رأي الطب النفسي صادمًا في تحليل الأمر، حيث علق الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، في نقاشه مع "إرم نيوز"، مستهلًّا حديثه بتأكيد ضرورة التذكير، بالتعريف بالفرق بين المرض والاضطراب النفسي، إذ عد الأول جينيا وراثيا، بينما الثاني له مسببات رئيسة ثلاثة، تنحصر بين الوراثة، والتربية، والخبرات الحياتية، معتبرًا أن الاضطرابات النفسية الناتجة عن الأدوار التمثيلية تنتمي للشق الأخير.

ومضى بالقول: "فن التمثيل هو أداة تعليمية في المقام الأول، تندرج تحت الخبرات الحياتية، مهما تنوعت الشخصيات التمثيلية التي يؤديها الممثل في أي عمل تمثيلي".

وعد الدكتور فرويز تعايش الممثل مع الشخصيات التمثيلية المجسدة في أعمال فنية وصولًا إلى مرحلة عدم المقدرة على الخروج منها، هو اضطراب نفسي يسمى بـ "High Notification".

وفسر طبيعة الاضطراب بالقول: "إن الممثل الذي يصل لهذا النوع من الاضطراب النفسي إلى أن وصل به الأمر، أن تلازمه الشخصية التمثيلية في حياته الواقعية، وتؤثر في هويته حتى بعد انتهاء التصوير، هو مصاب بخلل في شخصيته الأصلية، هيأه للاستعداد لقبول أي اضطراب نفسي يؤثر فيه، بسهولة كبيرة، من منطلق مصداقية الأداء والتعايش مع الشخصية التمثيلية التي جسدها".

مضيفًا: "هو قصور من الممثل في التعامل مع فن التمثيل بمهنية واحترافية، حيث عليه أن يؤدي كل الأدوار التمثيلية التي تُعرض عليه، بغض النظر عن طبيعتها الإيجابية أو السلبية، دون أن تؤثر فيه نفسيًّا".

واعتبر الدكتور فرويز الأعمال المسرحية، هي أكثر أنواع الفنون التعبيرية التمثيلية التي تؤثر في حدوث الاضطرابات النفسية للممثلين، مرجعًا الأسباب إلى طيلة فترة التحضيرات، والبروفات، والعروض اليومية المستمرة لشهور وسنوات على خشبة المسرح؛ ما يصعب مسؤولية الممثل الذي يعاني خللًا في شخصيته الطبيعية، في التخلي عن عباءة الشخصية التمثيلية دون بقاء عوالق مؤثرة بداخله.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC