توفي الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري الأربعاء عن عمر يناهز 72 عاما بعد معاناة مع المرض، على ما أفادت عائلته لوكالة "فرانس برس".
وأكد المتحدث باسم مستشفى نهاريا الحكومي الواقع شمال إسرائيل وفاة بكري الذي عانى من أمراض في القلب والرئتين.
وهو فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية، كحال ما يقارب مليوني مواطن عربي يعيشون داخل الدولة العبرية.
ويعد بكري من رواد المسرح والسينما الفلسطينيين في إسرائيل، ويتميّز إرثه بكونه شهادة سينمائية جريئة تمزج بين الفن والموقف، وتحوّل الكاميرا إلى أداة توثيق ومساءلة في مواجهة الرواية السائدة.
وُلد محمد بكري في قرية البعنة في الجليل عام 1953، وكثيرا ما وضعه انخراطه في الدفاع عن القضية الفلسطينية في مواجهة مباشرة مع السلطات الإسرائيلية.
شارك في عشرات الأفلام الفلسطينية، وعدد من الأفلام الإسرائيلية البارزة، إلى جانب أعمال للمخرج الفرنسي-اليوناني كوستا غافراس، والإيطاليان باولو وفيتوريو تافياني، وظهر أيضا في الموسم الثالث من المسلسل الفرنسي الشهير "مكتب الأساطير".
نال إشادة النقّاد محليا وعالميا عن دوره في فيلم "وراء الجدران" (أوري باراباش، 1984)، حيث جسد شخصية معتقل فلسطيني في سجن إسرائيلي.
لكن شهرته الدولية جاءت عبر فيلمه الوثائقي "جنين، جنين" الصادر عام 2002 والذي صنعه عبر دخوله لمخيم جنين مع كاميرا في شمال الضفة الغربية المحتلة، بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي للمخيم وحصاره، ليوثق ما وصفه بجرائم الحرب الإسرائيلية.
تعرض الفيلم للملاحقة القضائية في إسرائيل لنحو 20 عاما حتى تم حظره من العرض في عام 2022، بعدما اعتبرته المحكمة العليا الإسرائيلية "تشهيريا". وحاز الفيلم على عدة جوائز عالمية.
كما أخرج محمد بكري عدة أفلام وثائقية أخرى تناولت وضع الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل.
وهو والد لستة أبناء، ثلاثة منهم ممثلون، منهم صالح بكري الذي حقق أيضا مسيرة فنية ناجحة. وكثيرا ما ظهر الأب والابن معا في الأعمال الفنية.
ونشرت إذاعة الشمس العربية الرائدة في الدولة العبرية على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي نصا تكريميا، ووصفت الراحل بأنه "صوت حر".
وقالت الإذاعة "منذ بداياته المسرحية، لم يكن الفن عند محمد بكري ترفا، بل أداة وعي ومواجهة".
وأضافت: "كان فيلمه الوثائقي +جنين، جنين+ علامة فارقة هزّت المؤسسة الإسرائيلية وأشعلت جدلا واسعا وصل إلى أروقة الكنيست والمحاكم".
وتابعت "برحيله، يفقد المسرح والسينما صوتا حرا، لكن التجربة التي تركها محمد بكري ستظل حاضرة، تُذكّر بأن الفن قد يكون فعل مقاومة، وذاكرة لا تُصادر".