حقّق الفنان الكويتي محمد المنصور نجاحًا جديدًا يُضاف إلى رصيده الفني والمسرحي، الذي بدأه قبل نحو ستة عقود، بتكريم مسرحي جديد له في "مهرجان الكويت المسرحي"، بدورته الـ 25.
واختار المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الفنان المنصور شخصية المهرجان لهذا العام، الذي انطلق في الـ3 من الشهر الجاري، وسيستمر حتى نهاية الأسبوع الحالي.
واستطاع الفنان السبعيني، وهو أحد رواد المسرح في البلد الخليجي، أن يبني لنفسه مجدًا مسرحيًا منذ بداياته في ستينيات القرن الماضي، في البلد الذي عُرف باهتمامه الدؤوب بالثقافة والفن منذ عقود.
وحملت هذه الدورة في المهرجان اسم الفنان المنصور؛ تقديرًا لمسيرته الطويلة الفنية وإسهاماته في الحركة المسرحية الكويتية منذ تأسيسها، وفق ما أعلنه القائمون على المهرجان الذي يُقام على "مسرح الدراما" بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.
ويُعد هذا التكريم للفنان المنصور، أحدث تكريم في سلسلة التكريمات التي حصدها منذ بداية مسيرته الفنية، التي شهدت قبل نحو خمسة عقود حادثة طريفة عند عرضه لإحدى مسرحياته بحضور والدته.
وأثار مشهد تعرُض المنصور للضرب خلال العمل المسرحي آنذاك، واحترافه للأداء كما لو أنه حقيقة وليس تمثيلًا، استياء والدته التي كانت حاضرة وسيطرت عليها غريزة الأمومة، واعترضت بطريقة عفوية على ضربه من قبل الفنانة الراحلة مريم الغضبان التي كانت تشاركه العرض.
وحاول المنصور حينها عدم وقف العرض المسرحي، وأشار لوالدته محاولًا أن تفهم أن هذا مشهد في العرض، حيث كانت والدته تحرص دائمًا على مشاهدة عروضه المسرحية.
وسبق أن كشف المنصور في تصريحات إعلامية سابقة أن المسرحية التي أثارت غضب والدته، إما مسرحية "عزّل السوق" أو "بخور أم جاسم"، وهما من الأعمال المسرحية التي قدّمها في بداياته الفنية.
وعُرضت مسرحية "بخور أم جاسم" عام 1969، وهي مسرحية اجتماعية طُرحت بقالب كوميدي، تدور أحداثها حول الصراع الأبدي بين الأم وزوجة ابنها، وهي من تأليف محمد السريع وإخراج صقر الرشود.
وشارك فيها إلى جانب المنصور ومريم الغضبان عدد من الفنانين، ومنهم "الفنان الراحل علي المفيدي، وعبد العزيز الحداد، وسعاد حسين".
ومسرحية "عزّل السوق"، التي ألّفها خالد عبد اللطيف رمضان وأخرجها منصور المنصور، قُدّمت مطلع الثمانينيات، وهي تتحدث عن غلاء الأسعار والتضخم الاقتصادي، ومثّل فيها "إبراهيم الحربي، وهيفاء عادل، وعبد الرحمن عقل"، وآخرون.
وإلى جانب هاتين المسرحيتين، قدّم المنصور خلال مسيرته الفنية العديد من الأعمال المسرحية، ومنها: لمن القرار الأخير، وفلوس ونفوس، وعريس لبنت السلطان، وعزوبي السالمية، وسدرة اللؤلؤ، وعلي جناح التبريزي، وهي مسرحية مأخوذة عن نص مصري للكاتب ألفريد فرجو.
ومُثلت هذه المسرحية في الكويت عام 1975، باللغة العربية الفصحى، وتناولت شخصيات من كتاب ألف ليلة وليلة، الذي يضم مجموعة قصص وحكايات شعبية تعود لقرون قديمة.
وأخرج هذه المسرحية صقر الرشود وشارك فيها عدد من الممثلين ومنهم "الراجل غانم الصالح، وسعاد عبد الله، وخالد العبيد، وجاسم الصالح، وإبراهيم الصلال"، وآخرون.
وأحدث أعمال المنصور المسرحية "محيط الأرض" وهو عمل تاريخي، أُنتج العام الحالي، ويتحدث عن سيرة عالم الفلك الراحل الدكتور صالح العجيري، برؤية فنية تجمع بين الموسيقى والفن والمؤثرات البصرية الحديثة.
وألّف هذه المسرحية وأخرجها عبد الله عبد الرسول، وشارك فيها بالإضافة إلى المنصور عدد من الممثلين، ومنهم "جاسم النبهان، وخالد أمين، وطارق العلي، وعبد العزيز المسلم"، وآخرون.
ووُلد الفنان محمد المنصور في نهاية أربعينيات القرن الماضي، وينتمي لعائلة فنية تتكون من شقيقه الأكبر الممثل والمخرج الراحل منصور المنصور، والمخرج الراحل عبد العزيز المنصور، والممثل حسين المنصور، والديكوريست عيسى المنصور.
وحصل الفنان المنصور عام 1969 على دبلوم في الموسيقى من معهد المعلمين، وعمل مدرسًا للموسيقى، وكان من أبرز طلبته الفنان نبيل شعيل الملقب بـ "بلبل الخليج".
وفي عام 1970 توجّه المنصور إلى إنكلترا لدراسة اللغة، ودراسة التلفزيون في معهد "سيدو" المتخصص في عالم التلفزيون وفنونه، وحصل على درجة البكالوريوس من "المعهد العالي للفنون المسرحية" في الكويت.
وقدّم الفنان خلال مسيرته الطويلة عشرات الأعمال التلفزيونية، ومنها "رحلة عذاب، والرحيل المر، والملقوفة، وحوش المصاطب، والقرار الأخير، والقدر المحتوم، وزوّارة الخميس، ومحطة انتظار، والديرفة، ومحمد علي رود".
وللمنصور أعمال سينمائية محلية وعربية، ومنها "بس يا بحر، وذئاب لا تأكل اللحم، والقادسية"، فضلًا عن تقديمه لعدد من البرامج التلفزيونية.
وحظي المنصور بعدة تكريمات محلية وعربية وعالمية، ومنها جائزة الشارقة للإبداع المسرحي عام 2019، وجائزة في الأردن عام 2021 بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الدولة الأردنية، وجائزة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اختير المنصور كأول نجم عربي خليجي يتم الاحتفاء به في سوق كان الدولية للتلفزيون "ميب كوم" في فرنسا.
