تُعرف العلاقة بين المطربة فيروز وابنها الموسيقار والشاعر الراحل زياد الرحباني هو الدور الذي لعبه الأخير في تجديد دماء المطربة الأشهر والأبرز، حيث أمدها بقاموس لغوي مختلف وألحان جديدة قريبة من الناس.
واللافت أن هناك جوانب أخرى لتلك العلاقة لم تظهر إلى العلن إلا عبر المقربين وفي نطاق ضيق، على نحو تبدو معه فيروز كما لو كانت أُمًا تحترف الحزن وأوجاع الفقد باستمرار، فيما بدا زياد وكأنه الابن المنذور للشجن والأسى، اللذين يداريهما وراء قناع من اللامبالاة والكتمان.
وتطرقت الصفحة، التي تحمل اسم الإعلامي والمؤرخ الفني المصري الراحل وجدي الحكيم عبر موقع "فيسبوك"، إلى جوانب حزينة ومفجعة في علاقة فيروز بأبنائها عمومًا، وبزياد بشكل خاص.
وكان زياد أكبر أبنائها حيث وُلد عام 1956 وتوفي مؤخرًا عن عمر يناهز 69 عامًا، بينما ولد ابنها الثاني هالي وهو اليوم مقعد، أما ليال فقد وُلدت عام 1960 وتوفيت عام 1988، ولم يبق حاليا من أبناء فيروز على قيد الحياة ومعافى جسديا إلا ريما، وهي كاتبة ومخرجة، من مواليد عام 1965.
وفي عام 1973، أصيب عاصي الرحباني، والد زياد، الذي كان يبلغ آنذاك 17 عامًا، بنزيف حاد في المخ وحين صعدت فيروز للغناء على خشبة المسرح ووجدت مقعد زوجها خاليا، اعتصرها الحزن، لكنها حاولت التماسك ولو ظاهريًا.
وانفعل منصور الرحباني، شقيق عاصي والضلع الثاني في مدرسة الرحبانية، بالمشهد المؤثر وكتب رائعته الشهيرة، التي أصبحت واحدة من أغاني فيروز الخالدة: "سألوني الناس عنك يا حبيبي.. كتبوا المكاتيب وآخدها الهوا.. بيعز علىّ غنّي يا حبيبي.. ولأول مرة ما نكون سوا".
والمدهش أن عاصي حين شُفي، اعترض على الأغنية واعتبرها استغلالا لمرضه، لكنه فيما بعد تراجع عن موقفه واقتنع بأنها لحظة صدق من قلوب محبة له.
واللافت أن أغنية أخرى من أشهر أعمال فيروز، وهي "كيفك أنت" ظهرت للوجود هى الأخرى نتيجة لحظة عفوية غير مخطط لها، حيث كان زياد عائدًا من خارج لبنان في مهمة خاصة تتمثل في الزواج من السيدة دلال كرم رغم وجود تحفظات عائلية على تلك الزيجة.
وبادرت فيروز الابن العائد بسؤال أمومي بحت هو: "كيفك قال عم بيقولو صار عندك ولاد، أنا والله كنت مفكرتك براة البلاد".
وانفعل زياد بالسؤال العابر وجعله افتتاحية أغنية عبقرية في عمقها وبساطتها، رغم أن فيروز اعترضت في البداية على عبارة "مل أنت"، لكنها وافقت عليها بالأخير لتصبح الأغنية واحدة من الأعمال الخالدة في مسيرتها.
