في التلال الصخرية القاحلة بغرب إيران، تعيش أفعى نادرة تُعدّ من أكثر المخلوقات غرابة في عالم الزواحف، تُعرف باسم الأفعى المقرنة ذات الذيل العنكبوتي Pseudocerastes urarachnoides.
وتمتاز هذه الأفعى بقدرتها الفائقة على التمويه، إذ تمتزج ألوانها الترابية مع الصخور المحيطة؛ ما يجعل اكتشافها صعبًا سواء بالنسبة للمفترسات أو الفرائس.
ورغم مظهرها الهادئ، تخفي الأفعى سلاحًا فريدًا في ذيلها؛ إذ ينتهي بتركيب يشبه تمامًا العنكبوت الصغير، مزوَّد بمقاييس دقيقة تتحرك بطريقة تحاكي حشرة تزحف على الصخور. لكن هذا الذيل ليس مجرد زينة، بل أداة صيد متطورة تستخدمها الأفعى لجذب الطيور وخداعها.
فحين تلوّح الأفعى بذيلها في حركات متشنجة، يبدو كأنه عنكبوت يتحرك؛ ما يدفع الطيور للاقترب ظنًا منها أنها أمام فريسة سهلة.
وفي لحظة خاطفة، تنقض الأفعى بسرعة هائلة، لتغرس أنيابها السامّة في فريستها خلال أقل من ربع ثانية.
وتشير الدراسات إلى أن الأفاعي البالغة تعتمد في غذائها على الطيور الصغيرة المهاجرة، بينما تقتات الأفاعي الصغيرة على السحالي إلى أن يكتمل نمو ذيلها ويصبح أداة صيد فعّالة.
ورغم تداول قصص محلية قديمة عن “الثعبان العنكبوتي”، لم يُتعرف رسميًا على هذا النوع إلا عام 2006، حين درس العلماء عينات محفوظة في المتاحف، قبل أن يعثروا على أفاعٍ حية في جبال زاغروس الإيرانية.
ويُعد هذا النوع الوحيد المعروف في العالم الذي يمتلك ذيلًا يحاكي العنكبوت شكلًا وحركةً، وهو تكيف تطوري نادر ومذهل يميز الأفعى المقرنة ذات الذيل العنكبوتي عن باقي الزواحف.
ونظرًا لندرتها، أُدرجت الأفعى المقرنة ذات الذيل العنكبوتي العام 2019 ضمن اتفاقية سايتس، التي تنظم تجارة الكائنات المهددة بالانقراض، كما صنّفها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة العام 2022 ضمن الأنواع شبه المهددة بالانقراض.
وتُعد هذه الأفعى مثالًا حيًا على عبقرية الطبيعة في التطور، إذ تمثل قدرتها على تقليد العناكب واستراتيجيتها في الصيد أحد أذكى أساليب الخداع في عالم الحيوان؛ ما يجعل الحفاظ على موطنها أمرًا ضروريًا لحماية هذا الكائن الفريد من نوعه.
