شهدت الفترة الأخيرة تباينًا كبيرًا بمواقف الفنانيين السوريين بعد ما شهدته سوريا من أحداث، والتي اتسم بعضها بالتسامح من قبل الجمهور، والآخر بقي متمسكًا بموقفه الرافض .
وبدت ردود فعل كثير من السوريين الذين دونوها في مواقع التواصل الاجتماعي، معتمدةً على العاطفة أكثر من المعايير الواضحة والمحددة في مواقفهم من فنانيهم.
فقد أثرت مشاهد شهيرة من بعض الأعمال التلفزيونية، أو مواقف علنية لم تمح من الذاكرة فيما يبدو، أو أعيد تناقلها في الأيام الماضية، على مواقف السوريين من فنانيهم.
ومنذ صباح يوم الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري الذي شهد سقوط النظام، تسابق الفنانون السوريون لإبداء مواقفهم المؤيدة لسقوطه، سواء أولئك الذين عرفوا بتأييدهم العلني منذ العام 2011، أم الذين التزموا الصمت.
وكانت الفنانة سلاف فواخرجي أحد أولئك المعتذرين عن تأييدها السابق للنظام، والدعوة لحقبة جديدة من التسامح والحرية، لكن ردود الفعل على كلامها كانت رافضة في الغالب، لا سيما أنها مع أبرز الممثلين الذي عرفوا بولائهم للنظام السابق.
وسرعان ما وجد ذلك الموقف الرافض لقبول فواخرجي عبر سيل من التعليقات التي اجتاحت مواقع التواصل، صداه، حيث راجت معلومات كثيرة عن مغادرتها وعائلتها للبلاد بصمت.
ولم يكن حال فنانين سوريين التزموا الصمت والتصريحات السياسية إلى حد كبير بعد العام 2011، أفضل من حال زميلتهم فواخرجي، حيث تعرضوا لسيل من الانتقادات وحتى السخرية من قبل عدد كبير من المدونين السوريين.
ونالت تلك المواقف التي شارك فيها نخب من مختلف شرائح المجتمع السوري، أسماء معروفة في عالم الفن، مثل بسام كوسا وعباس النوري وحتى النجم المخضرم دريد لحام.
لكن ذلك الموقف الغاضب من الفنانين السوريين، بدا متناقضًا في حالة الفنانين محمد حداقي وأمل عرفة، فعلى الرغم من كون عرفة سارعت لتأييد التغيير في بلدها منذ اليوم الأول، فإنها تلقت ولا تزال سيلًا من الانتقادات.
وتعتمد كثير من تلك الانتقادات، على حلقة من مسلسل "كونتاك" السوري، أثارت انتقادات لاذعة منذ عرضها أول مرة قبل خمس سنوات، حيث سخرت من مزاعم وجود هجمات بالسلاح الكيماوي من قبل نظام الأسد على المعارضة.
ورغم أن عرفة اعتذرت يومها عن الحلقة، فإنها عادت للمشاهدة بشكل كبير بين السوريين، بعد سقوط النظام وتأييد عرفة للتغيير، لتقابل بسيل من التشكيك والانتقادات وعدم قبول اعتذارها على حد قول بعضهم.
ومن اللافت أن الفنان محمد حداقي شارك في تلك الحلقة المثيرة للغضب، لكن اعتذاره قوبل بتفهم كبير من قبل عدد كبير من السوريين، وبدا أنه حصل على الغفران منهم بالتزامن مع نقمتهم على زميلته في الحلقة التلفزيونية ذاتها.
وقوبل موقف حداقي بتعاطف واسع من السوريين بعد أن كشف الفنان المعارض للنظام السابق، محمد آل رشي، أن حداقي ساعده وساعد الفنان فارس الحلو على التخفي ومغادرة سوريا هربًا من الاعتقال عام 2011.
كما بدا حديث حداقي في مقابلة تلفزيونية قبل يومين، مؤثرًا عندما قال إنه فقد صوته منذ سنوات، ويحتاج لسنوات كي يعتاد التعبير بحرية، ودون خوف، قبل أن يقول إنه لم يمتلك الشجاعة التي امتلكها صديقه آل رشي ليجهر بموقفه المعارض للنظام السابق.
وكتب أحد المدونين السوريين عبر "فيسبوك" معلقًا على موقف حداقي "محمد حداقي أثبت أنه (زبون دويم بسوق المراجل) قولًا وفعلًا، لا يمكن لأي إنسان عادي مقيم وسط دمشق أن يخبئ ممثلين اثنين في منزله ويحميهما في سوريا لمدة شهر إلا إن كان شخصًا نبيلًا ويملك شجاعة غير طبيعية".
وفي جانب آخر، تحول مجموعة فنانين سوريين عُرفوا بعد العام 2011، بمعارضتهم للنظام السابق، ويقيمون خارج سوريا، لأبطال في نظر الجمهور السوري، وسط دعوات لعودتهم إلى سوريا وتصدرهم المشهد الفني، على الرغم من أن بعضهم ظل نجمه ساطعًا.
وتشمل تلك القائمة، جمال سليمان، ويارا صبري، وماهر صليبي، ومكسيم خليل، وسوسن أرشيد، والفنانة الراحلة مي سكاف وفنانين آخرين.