مع كل إعلان عن عرض قطع نادرة ومميزة من التحف والآثار اليمنية في الخارج، تتصاعد موجة من الحزن والغضب والتساؤلات عبر منصات التواصل الاجتماعي: كيف خرجت هذه القطع من البلاد؟ وهل يمكن استردادها؟ ومن يوقف نزيف التهريب ويمنع تكراره في المستقبل؟
عادت هذه التساؤلات بقوة خلال الساعات الأخيرة، بعد كشف خبير الآثار اليمني عبد الله محسن عن عرض أربع قطع أثرية يمنية نادرة للبيع في مزاد "الفن القديم"، الذي تنظّمه دار "بلاكاس" الفرنسية في 9 يوليو المقبل، وسط غموض يكتنف طريقة خروجها من اليمن.
وقال محسن، في منشور عبر موقع "فيسبوك"، إن القطع الأثرية نُسبت – وفقًا لما أورده المزاد – إلى جامع آثار أوروبي اقتناها في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تنتقل بالوراثة إلى مالكها الحالي، دون توفّر أي وثائق تُوضح مكان اكتشافها أو ظروف تهريبها.
وتضم القطع المعروضة تمثالًا نادرًا من المرمر، يُعتقد أنه توأم لتمثال شهير عُثر عليه في "وادي بيحان" بمحافظة شبوة، ويُشابه في ملامحه تمثالًا محفوظًا في المتحف الوطني للفن الآسيوي التابع لمؤسسة "سميثسونيان" في واشنطن.
وقال محسن إن التمثال يفتقر إلى بيانات واضحة بشأن موقع الاكتشاف وتاريخ خروجه من اليمن، داعيًا إلى تقديم إيضاحات من المؤسسة الأمريكية التي أشرفت على بعثات استكشافية إلى اليمن منتصف القرن الماضي.
كما يُعرض في المزاد تمثال أنثوي من المرمر، مزوّد بقرط ذهبي، ويُعتقد أنه يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد. ويتميّز التمثال بوجود نقش على قاعدته، إلى جانب تفاصيل دقيقة في الشكل والملامح، بحسب وصف دار المزاد.
وتشمل القطع المعروضة أيضًا لوحة تذكارية (شاهد قبر) من الحجر الجيري، تُجسّد شخصية واقفة داخل إطار فني، تحيط بها زخارف حيوانية وهندسية تتضمن مجموعة من الوعول. أما القطعة الرابعة، فهي رأس رجل منحوت من المرمر الشفاف، يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، ويُجسّد بدقة ملامح النحت اليمني القديم وما يتّسم به من براعة.
وبحسب مراقبين، تتعرض الآثار اليمنية منذ سنوات لعمليات تهريب ممنهجة؛ ما أدى إلى فقدان آلاف القطع الأثرية وظهور عدد كبير منها في مزادات دولية، دون وثائق ملكية أو تصاريح تصدير رسمية.