يُعد "التشابك العاطفي"من الديناميكيات المعقدة والمُهملة في كثير من العلاقات بين الوالدين والأبناء، حيث تصبح الحدود العاطفية بين الطرفين غير واضحة أو منعدمة تماما. ورغم أنه لا يُعد إساءة مباشرة أو مقصودة في كثير من الأحيان، إلا أنه يمكن أن يكون ضارا نفسيا، خصوصا عندما ينضج الطفل ويصبح بالغا.
وفي العلاقات المتشابكة، يعتمد أحد الوالدين بشكل مفرط على ابنه أو ابنته للحصول على الدعم العاطفي، وغالبا ما يُشركه في مشكلاته الشخصية أو يتوقع منه مشاركة مستمرة في تفاصيل حياته. ويتلقى الطفل، بدوره، رسالة مفادها أن استقلاله العاطفي "غير مقبول"، وأن عليه تلبية احتياجات والده أو والدته. وقد يبدو هذا للآخرين كعلاقة عائلية "وثيقة"، بينما يُخفي في الحقيقة ضغوطا غير صحية للبقاء مخلصا ومُتصلا بشكل مفرط.
وبحسب موقع "سايكولوجي توداي" المهتم بالصحة النفسية، فإن من أبرز علامات هذا التشابك: عبارات متكررة مثل "لا أعرف ماذا سأفعل من دونك" أو "أنت تنقذني من نفسي". ومع مرور الوقت، يتبنى الطفل شعورا بأنه مسؤول عن سعادة والده أو والدته؛ ما يخلق لديه شعورا دائما بالذنب ويقمع مشاعر الغضب لديه.
غياب الحدود
لا توجد حدود واضحة بين مشاعر الوالد ومشاعر الابن، بحيث يشعر الطفل أنه مسؤول عن راحة أو مزاج أحد والديه.
اعتماد مفرط
يطلب الوالد الدعم العاطفي من طفله، ويشاركه هموما أو أسرارا لا تناسب سنه أو دوره.
قمع الاستقلال
يُشعر الطفل أن استقلاله أو ابتعاده يعني "خيانة"، مما يولّد لديه الشعور بالذنب عند محاولة بناء حياة خاصة.
انقلاب دور الأبناء
يصبح الطفل "المُنقذ" و"الصديق المقرب" أو حتى "الداعم النفسي"، بدلا من أن يكون هو المتلقّي للرعاية.
وتصف الدكتورة "بات لوف" كيف أن الطفل الذي يتكرر قمع غضبه من قبل والديه سيتوقف في النهاية عن التعبير عن غضبه، حفاظا على علاقته مع من يعتمد عليه عاطفيا. وحين يكبر هذا الطفل، قد يواجه صعوبات في اتخاذ قرارات مستقلة، ويعاني من ضعف الثقة بالنفس.
لكن الجيد أن هذه الدائرة يمكن كسرها، فسواء كنت الوالد أو الابن البالغ، فإن تصحيح هذا النمط يتطلب وعيًا وتغييرات تدريجية. ويمكن للوالد أن يبحث عن دعم عاطفي من علاقات صحية مع البالغين، بينما يبدأ الابن أو الابنة في بناء هويتهما المستقلة ووضع حدود واضحة.
وفي نهاية المطاف، يمنح التحرر من هذا التشابك كلا الطرفين فرصة لتأسيس علاقة صحية تقوم على الدعم المتبادل والاحترام، لا على الاعتماد العاطفي المفرط.