لم يخل حفل افتتاح الدورة الـ 18 من المهرجان القومي للمسرح المصري والذي أقيم بـ"المسرح الكبير" بدار الأوبرا بالقاهرة، من مشاهد إنسانية لافتة تنوعت بين الشجن والتأثر الشديد من ناحية، وبين البهجة والمرح من ناحية أخرى.
وسادت حالة من الحزن اللافت أجواء الحفل حين عُرضت صور ومقاطع فيديو للفنانة سميحة أيوب الملقبة بـ"سيدة المسرح العربي" والتي رحلت قبل أسابيع من المهرجان، حيث تحول حضورها إلى ملمح أساسي من ملامح الحدث الكبير المرتقب صيف كل عام.
وبدا التأثر واضحا في الكلمة التي ألقاها وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد هنو؛ إذ أشار في كلمته إلى أنه لا يتصور المهرجان أو المسرح من دون سميحة أيوب التي اعتادت مصر كلها رؤيتها في صدارة الصف الأول من مقاعد الحضور.
ورحلت سميحة أيوب عن عمر ناهز 93 عاما حيث وهبت حياتها للمسرح وقدمت أكثر من 170 عملا مسرحيا من مختلف الأشكال والمدارس الفنية، كما مارست إدارة المسرح إلى جانب الوقوف على خشبته كممثلة.
وتجددت حالة التأثر عند إعلان اسم الفنان أحمد نبيل ضمن قائمة المكرمين، حيث تربت أجيال كاملة على أدواره الكوميدية في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، لكنه توارى عن الأضواء ودخل دائرة النسيان والتهميش.
وظهرت الدموع في عيون أبنائه وزوجته، إلا أن الفنان استطاع بذكائه الشديد أن يتجاوز الموقف ويحوله إلى حالة من المرح حين قدّم فقرة استعراضية من فن "البانتومايم" أو " الرقص الإيمائي" الذي اشتُهر به، حيث تحولت حالة الشجن إلى حالة من البهجة.
وتبادل الفنان محيي إسماعيل المداعبات بمجرد صعوده إلى خشبة المسرح، كأحد المكرمين، مع كل من وزير الثقافة والفنان محمود حميدة الذي قام بتقديمه بكلمات قوية حصدت تصفيقا حارا، كما وقف إسماعيل طويلا يتأمل صورته في خلفية المسرح وسط احترام من الحضور لتلك اللحظة ذات الدلالات النفسية الخاصة.
ويبلغ محيي إسماعيل من العمر 85 عاما، واتسم بأدواره غير التقليدية ذات الأبعاد النفسية، إلا أنه ابتعد عن التمثيل في السنوات الأخيرة بحكم السن وبات حضوره يقتصر على التصريحات المثيرة للجدل.
ويمثل المهرجان الممتد حتى 6 أغسطس المقبل بانوراما شاملة للإنتاج المسرحي المصري على مدى العام، ويعرض 35 عملًا لفرق تمثل مسارح الدولة، والمسرح المستقل، والمسرح الجامعي، ومسرح الهواة.
وترفع هذه الدورة شعار "المهرجان في كل مصر" تعبيرًا عن تطبيق مبدأ "العدالة الثقافية"، بعد أن ظلت العروض والأنشطة مقصورة على القاهرة طيلة الدورات السابقة.