يسعى الكثير من الشركات والمؤسسات اليوم إلى تطوير كوادرها البشرية وتعزيز ثقافة الأداء والقيادة، فيما يطمح الموظفون للوصول إلى مواقع أعلى تعكس جهودهم وتأثيرهم. وبين الشغف المهني والطموح الشخصي، تبرز الترقية كخطوة محورية تُغيّر مسار المستقبل الوظيفي وتختبر نضج الموظف واستعداده.
وفي هذا السياق، التقت "إرم نيوز" بالكوتش فهد محمود خان، خبير القيادة والذكاء العاطفي وتحديد المسار المهني، والمستشار في تطوير رأس المال البشري بخبرة تجاوزت 22 عامًا في مناصب قيادية لعدد من الشركات العالمية والمحلية والإقليمية في الوطن العربي، للحديث عن المعاني الحقيقية للترقية وكيفية التعامل معها.
وتُعتبر الترقية في العمل من أكثر اللحظات التي ينتظرها الموظف بشغف، فهي تمثل نقطة تحول في المسار المهني، وتعبيرًا عن تقدير الجهود المبذولة خلال فترة طويلة. لكن رغم بساطة الكلمة، فإن معنى "الترقية" أعمق بكثير من مجرد زيادة في الراتب أو تغيير في المسمى الوظيفي.

ما معنى الترقية في العمل؟
يقول الكوتش فهد خان إن الترقية هي انتقال الموظف إلى مستوى أعلى في السلم الوظيفي داخل المؤسسة، سواء كان ذلك عبر تولّي مسؤوليات جديدة، أو الإشراف على فريق، أو الدخول في دائرة صنع القرار. فالترقية ليست فقط اعترافًا بالأداء الجيد، بل أيضًا ثقة من الإدارة بقدرة الموظف على التعامل مع مستوى أعلى من التعقيد والمسؤولية.
ويُوضح أن الترقية تُعد من الناحية الإدارية وسيلة لتوزيع الكفاءات على المواقع التي تحتاج قيادة، ومن الناحية الشخصية فرصة للنمو والتطور وتوسيع دائرة التأثير.
الترقية تكليف أم مكافأة؟
يؤكد الكوتش فهد خان أن السؤال الأكثر تداولًا بين الموظفين هو: الترقية مكافأة أم تكليف؟ ويُجيب بأنها الأمران معًا؛ تأتي بعد إنجازات ملموسة وجهود واضحة، لكنها في الوقت ذاته ليست نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة تحتاج تفكيرًا مختلفًا ومهارات قيادية أوسع. ويُضيف الكوتش أن مَن يرى الترقية مكافأة فقط قد يتعامل معها براحة مبالغ فيها، ومن يراها تكليفًا فقط قد يعيش قلقًا دائمًا، مشددًا على أن التوازن بين المفهومين هو ما يصنع القائد الحقيقي.
متى تستحق الترقية؟
يشرح الكوتش فهد خان أن الترقية لا تأتي بجدول زمني ثابت، فهي لا ترتبط بعدد سنوات الخدمة بقدر ما ترتبط بالنضج المهني والجاهزية. وتستحق الترقية عندما تُظهر للمؤسسة أنك تجاوزت حدود مهامك الحالية وقادر على الإضافة في مستوى أعلى.
ويضيف الكوتش أن المدير لا يختار الشخص الذي ينتظر الترقية، بل الذي يعمل وكأنه مُرقّى بالفعل الشخص المبادر، والقائد، والمفكر بمنطق النتائج لا الأوامر. فالترقية ليست هدية تأتي في البريد الوظيفي، بل نتيجة طبيعية لسلوكك اليومي.
أكثر المفاهيم الخاطئة عن الترقية
يوضح الكوتش فهد خان أن من أبرز المفاهيم الخاطئة عن الترقية:
نصائح مهمة لمن يحصلون على ترقية
مسؤولية القيادة
ويختتم الكوتش حديثه بالتأكيد أن الترقية ليست نهاية الرحلة، بل بداية جديدة في طريق طويل من التعلم والنمو. وتبدو الترقية مغرية من بعيد، لكن قيمتها الحقيقية تظهر مع تحمل المسؤولية والنتائج والقرارات.
ويؤكد أن الترقية لا تعني أنك أفضل من غيرك، بل أنك أصبحت مسؤولًا عن غيرك. فعلى كل من يطمح إلى الترقية أن يسأل نفسه: هل أنا مستعد للقيادة؟ فإن كان الجواب نعم، فليعمل ويتعلم ويصبح النسخة التي تستحق أن تُرقّى.