شهد الوسط الفني خلال السنوات الأخيرة تعثر عدد من الأسماء اللامعة التي تألقت بأصواتها، لكنها وجدت نفسها فجأة في مواجهة أزمات معقدة وقضايا جدلية طغت على مسيرتها، وهدّدت مكانتها على الساحة الغنائية العربية.
وبينما كان من الممكن أن تتربع هذه الأصوات على عرش النجومية، قادتها الانزلاقات إلى مسارات مظلمة، طمست وهج النجاح، وحولت الأضواء إلى محاكم وتحقيقات.
استعصاء رحلة العودة
لم يكن سقوط بعض نجوم الغناء العرب ناجمًا عن تراجع المستوى الفني أو الشعبية الجماهيرية، إنما ارتبط بمواقف مُثيرة للجدل، وقضايا قانونية، لا تزال عواقبها الوخيمة وتأثيراتها السلبية تُعيق عودتهم إلى مكانتهم الفنية السابقة.
ومع استعصاء رحلة العودة إلى الساحة الغنائية لأسباب تتعلق بتأثيرات نفسية صعبة تحتاج لوقت طويل للاستشفاء، وأخرى مرتبطة بقضايا قانونية، بين المنظور والموقوف أمام القضاء في دول مختلفة، حتى إنهم ما إن يحرزوا تقدمًا في رحلة العودة، حتى تعصف بهم الانتكاسات، لتُعيدهم خطوات إلى الوراء.
تصفية حسابات
عززت تلك المعطيات من زيادة تساؤلات الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي عما إذا كانت تلك الانهيارات الفنية والإنسانية لبعض نجوم الغناء بفعل فاعل بدافع تصفية الحسابات أو إسقاط الرموز؟ أم أنها نتاج قرارات خاطئة من أصحاب الشأن أنفسهم؟
أعاد ارتباط اسم الفنانين اللبناني فضل شاكر والمصرية شيرين عبد الوهاب، في أوائل يوليو/تموز الجاري، الجدل حولهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي على هامش لقائهما بمخيم عين الحلوة في لبنان لتسجيل وتصوير ثنائية غنائية تُجدد التعاون بينهما بعد سنوات طويلة، وسط تداخلات أمنية وشخصية أثارت تفاعل وقلق الجمهور والمتابعين.
وسبق ذلك، تقديم الفنان فضل شاكر الدعم النفسي للفنانة شيرين عبد الوهاب في أعقاب موجة الهجوم العنيفة التي شنها الجمهور المغربي ضدها بسبب عدم مقدرتها على الغناء بكامل طاقتها والاستعانة بصوتها المسجل في حفلها الغنائي الأخير بمهرجان موازين.
وكشف مصدر مقرب من شيرين أنها تنوي الاستقرار في لبنان لأسابيع من أجل الاستشفاء من العواقب النفسية الوخيمة التي لحقت بها، في أعقاب طلاقها من حسام حبيب.
وبعد أن أثار قرار منع شيرين عبد الوهاب دخول مخيم عين الحلوة بقرار من مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، أشعل فضل شاكر جدلًا موازيًا ببيان رسمي، استنكر فيها التُّهم المنسوبة إليه، مشددًا أنها مُلفقة وأنه بريء من كل الاتهامات.
سعد لمجرد يدعم فضل شاكر
دخل الفنان المغربي سعد لمجرد على خط الأزمة، معبرًا عن دعمه الكبير للمُطرب اللبناني فضل شاكر، ليرتبط اسم الثلاثي الفني شيرين عبد الوهاب، وفضل شاكر، وسعد لمجرد، معًا للمرة الأولى، بما واجهوه من أزمات نفسية وقضائية، وضعتهم محل اهتمام كبير من جمهور الوطن العربي.
وعبر لمجرد عن دعمه لفضل شاكر بأن غنى أغنية "إلا وأنا معاك" في حفله الأخير بمدينة الجديدة المغربية قبل أيام، وسط حالة من التفاعل الجماهيري الحار مع الأغنية، ونشر سعد المقطع الغنائي عبر حسابه الرسمي على إنستغرام، ليرد عليه شاكر بالإشادة بموهبته الكبيرة.
"إدارة الموهبة"
علقت الناقدة الفنية والصحافية المصرية محاسن الهواري بصفة عامة على القضايا النفسية والقانونية التي زلزلت نجومية كبار نجوم الغناء، وقالت في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" إن العشرات من المغنيين في مصر والعالم العربي، قد تعرضوا لضغوطات نفسية بالغة أثرت بصورة مباشرة في نجوميتهم، وألقت بظلالها على مسيرتهم الفنية.
وأضافت أن من بين هؤلاء من استطاع بقوة الإرادة والعزيمة أن يعود إلى الساحة الغنائية، متجاوزًا العقبات والتحديات التي اعترضت طريقه، في حين لم يفلح آخرون في الصمود أمام الأزمات التي أطفأت وهج نجوميتهم، على حد قولها.
وأكدت الصحافية المصرية أن إدارة الموهبة أهم بكثير من الموهبة ذاتها، مشددة على أنها العامل الحاسم في الاستمرارية وتحقيق النجاح، مشيرًة إلى أن الخبرات الحياتية والثقافة تلعبان دورًا جوهريًا في صقل الفنان وتعزيز حضوره، مبينة أن الاعتماد على العواطف والمشاعر وحدها في الوسط الفني لا يكفي لصناعة النجومية في كثير من الأحيان، وفق تعبيرها.
"قضايا مدبرة"
من جهته، قال الموسيقار المغربي نعمان لحلو في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" إنه لا يستبعد أن تكون قضية سعد لمجرد بشأن الفتاة الفرنسية مدبرة فعلًا، نافيًا معرفته بهوية المُدبر، مؤكدًا أن ما فعله سعد لمجرد لم يكن إلا خطأ صغيرًا، قد يُقبل عليه أي شاب في عمره، لافتًا أنه تم تضخيم القضية على الصعيد العالمي، نظرًا للشهرة والشعبية الكبيرة التي يتمتع بها سعد لمجرد، على حد قوله.
وأضاف قائلًا "لا تهمني في حياة الفنان إلا الجوانب الفنية، لإنه لا يصح إلا الصحيح في كل الأوقات، لا سيما أنه عندما ترتبط قضايا الفنان بالقضاء، أفضل أن يقول القضاء كلمته بعيدًا عن آراء الجمهور".
وسط هذا المشهد المعقد الذي يتقاطع فيه الفن بالقانون، والنجومية بالاضطرابات النفسية، يبقى مصير أسماء بارزة في الساحة الغنائية العربية معلقًا بين أمل العودة والاختفاء التام. وبينما ينتظر الجمهور نهاية واضحة لتلك القضايا العالقة، فهل يحمل عام 2025 بارقة أمل بعودة فنية قوية لهؤلاء النجوم؟
