لطبيعتها النفسية والفيزيولوجية، تشعر الأم بالفخر لكونها المرجع الأول لأي أزمة أو سؤال من أفراد عائلتها، لكن هذا الامتياز يترافق مع إرهاق نفسي وعاطفي لا يُستهان به.
ورغم مرور سنوات على تسليط الضوء على "العبء العقلي" للأمهات، لا تزال الأم في أغلب الأسر، حتى غير التقليدية، تُعامل كالمُرشد العاطفي الأول، وفقًا لما أكدته الاختصاصية النفسية سوباترا توفار؛ إذ تقول: "حتى في الأسر التي تتقاسم المسؤوليات، غالبًا ما يُتوقَّع ضمنيًا من الأم أن تكون صاحبة المبادرة في فهم واحتواء الاحتياجات العاطفية".
وتضيف المعالجة النفسية ويتني غودمان أن الأمهات أنفسهن يحملن هذا التوقُّع داخليًا، نتيجة تنشئة مجتمعية متوارثة. وهذا ما يجعل الأم، منذ بداية الحمل، تتحوّل إلى مستودع للقرارات والمشاعر، في حين يتراجع دور الشريك، حتى وإن كان ذلك بنيّة الدعم.
تقول غودمان: "منذ اللحظة التي يظهر فيها اختبار الحمل إيجابيًّا، تبدأ الأم تحمُّل عبء نفسي وعاطفي يتجاوزها". أما توفار، فتشير إلى أن هذا النمط العاطفي يتحوّل إلى "ذاكرة عضلية" يصعب كسرها ما لم يكن هناك وعي وتدخُّل واعٍ.
ورغم الدراسات التي تُثبت أن الأمهات يقدّمن دعمًا يوميًّا أكبر من الآباء على مختلف الأصعدة، من العناية بالمشاعر إلى الدعم الأكاديمي، فإن هذا التوزيع غير العادل يُنتج إرهاقًا مزمنًا.
"الحل" كما تقول توفار: "ابدئي بالاعتراف بأن العبء العاطفي عملٌ حقيقي، حتى لو لم يكن مرئيًا." من هناك، يبدأ التغيير: ضعي حدودًا بسيطة، واطلبي وقتًا لنفسك، وامنحي الآخرين فرصة التصرّف، حتى إن لم يفعلوا الأمور بطريقتكِ. وتؤكد غودمان أن تقسيم المهام وفق نقاط القوة، لا السعي وراء التوازن المثالي، هو مفتاح تخفيف الضغط عن الجميع.
وفي النهاية، تنصح توفار الأمهات: "لا يجب أن تُثبتي قيمتكِ من خلال الإرهاق. حين تعتنين بنفسك، تُظهرين لأطفالك معنى الحب المستدام".