كشفت دراسة حديثة عن التأثيرات النفسية والعاطفية العميقة التي قد يخلّفها "الطلاق المتأخر" - أي الطلاق بين الأزواج الذين تجاوزوا سن الخمسين، على الأبناء المراهقين. وبينما يسعى الكثير من الأزواج في هذا العمر للانفصال بهدف تحقيق السعادة الشخصية، إلا أن آثار هذا القرار على الأبناء في سن المراهقة قد تكون مؤلمة وطويلة الأمد.
وبحسب موقع "سايكولوجي توداي"، أظهرت الدراسة أن المراهقين المتأثرين بالطلاق المتأخر غالبًا ما يعانون من أعراض مرتبطة بالصدمة النفسية غير المعالَجة، مثل الغضب المزمن، واضطرابات النوم، وصعوبة التركيز، والبلادة العاطفية. ورغم أنهم قد يبدون طبيعيين ظاهريًا، من خلال الاستمرار في تحقيق الأداء الأكاديمي أو المشاركة في الأنشطة، إلا أنهم في الواقع يكتمون معاناة نفسية عميقة ناتجة عن مشاعر الهجر والارتباك.
"انقطاع العلاقات المفاجىء"
وتؤكد الدراسة أن الصدمة النفسية لا تتعلق بالحدث نفسه بقدر ما تتعلق بالأثر الداخلي المستمر الذي يتركه هذا الحدث. وفي حالة الطلاق، لا تكمن الصدمة في الانفصال بحد ذاته، بل في الطريقة التي يختبر بها الطفل الحدث، من خلال الانقطاع المفاجئ في العلاقات، أو انعدام التواصل، أو الإهمال العاطفي.
ولمعالجة هذه الآثار، أبرزت الدراسة فعالية العلاجات النفسية المرتكزة على معالجة الصدمة، خصوصًا تقنية "إزالة التحسس وإعادة المعالجة عبر حركة العينين" (EMDR). وتساعد هذه التقنية المراهقين على التعامل مع المشاعر المؤلمة وتخفيف الأعراض النفسية، من خلال معالجة طريقة تخزين الذكريات الصادمة في الدماغ. ومع تحسن التنظيم العاطفي، يشعر المراهقون بأنهم بدأوا يتجاوزون حالة "الجمود" ويستعيدون السيطرة على حياتهم.
كما تؤكد الدراسة أهمية التدخلات العائلية المهيكلة، حيث يمكن أن تؤدي محاولات الآباء غير الحاضنين لتحمّل المسؤولية وتقديم اعتذار صادق إلى تحسين العلاقة بشكل كبير. ومنح المراهقين حرية اختيار كيفية ومتى إعادة التواصل يساهم في بناء الثقة وتعزيز الشعور بالأمان.
وتخلص الدراسة إلى أن الآثار النفسية للطلاق المتأخر على المراهقين حقيقية وقابلة للقياس، لكنها في الوقت نفسه قابلة للعلاج. ومن خلال الدعم العلاجي المناسب، والتواصل المتعاطف، ومحاولات الإصلاح الواعية، يمكن للمراهقين التعافي من الصدمة النفسية الناتجة عن طلاق والديهم وبناء علاقات أكثر صحة واستقرارًا.