حالة من الحزن الممتزجة بالصدمة الشديدة سادت الوسط الثقافي المصري، إثر وفاة الناشر الشهير حسني سليمان، مؤسس دار "شرقيات" التي وُلد على يديها أبرز أدباء جيل التسعينيات، والتي كانت منبرًا لحرية الإبداع، وعنوانًا لمؤلفات بارزة جمعت بين عمق المضمون وجمال الشكل الفني المميز للكتاب.
وما زاد من الأسف أن الوفاة وقعت منذ 6 أشهر، وعرفت بها بالصدفة الناشرة كرم يوسف، مديرة دار "الكتب خان"، من أحد العاملين مع سليمان، ونشرت المعلومة على صفحتها بموقع "فيسبوك"، ليفاجأ المثقفون بالخبر الحزين، وتتوالى منشورات الرثاء والذكريات عبر "فيسبوك".
وبحسب مثقفين، فإن "مؤسس شرقيات تعرض للإفلاس بسبب انحيازه للمعايير الأدبية على حساب نظيرتها التجارية، واضطر أن يبيع كنوز المكتبة الفكرية والإبداعية لتجار الورق والكتب القديمة في نهاية مؤسفة أدت به إلى الاكتئاب والعزلة منذ العام 2017".
وتكمن أهمية تجربة "شرقيات" في أنها فتحت الطريق لجيل كامل من الروائيين والشعراء وكُتّاب القصة القصيرة ليعبّروا عن أنفسهم في مناخ من الحرية، بعيدًا عن إحباطات الوسط الثقافي آنذاك.
وقال الناقد الأدبي محمود عبد الشكور إن "غياب دار شرقيات، وانتهاء مشروعها، وابتعاد هذا الرجل الاستثنائي من أسوأ ما حدث للحياة الثقافية في السنوات الأخيرة".
وأضاف: "طالبت في فبراير الماضي بتكريمه، والآن أتمنى أن يُحتفى باسمه وتجربته العظيمة في ندوة خاصة ضمن فعاليات الدورة القادمة من معرض القاهرة للكتاب، وأن تحمل جائزة (أفضل ناشر) في المعرض اسم حسني سليمان".
وعلّق الكاتب سعد القرش على الأزمة قائلًا: "يذكّر حسني سليمان من يراه بأنه ينتمي إلى نبلاء العصور الوسطى، بهدوئه وكلامه القليل وثقافته التي لا يستعرض بها، والأهم برغبته في إنجاز شيء غير مسبوق في مجال النشر، نجحت المهمة، فعلها الرجل، ثم قرر الانسحاب، هكذا يُصاب بالإحباط الثوار قصيرو الأعمار".
وأضافت الأديبة والأكاديمية الدكتورة مي التلمساني قائلة: "كان حسني سليمان حالِمًا وكانت الدار استثناءً، أفاق حسني من حلمه على حقائق التوزيع المرعبة، ولطالما تمت سرقته، ولطالما أغرقته الحسابات في بحرٍ من اليأس ثم عاد ليرفع رأسه خارج الماء، يتنفس هواءً جديدًا مع كل اكتشافٍ مثير ويبحث في كوم القش عن العملة الثمينة".
