ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
برحيل زياد الرحباني، اليوم السبت، يُسدل الستار على شخصية غير عادية في العالم العربي، فالموسيقي الذي لحن لأيقونة الغناء فيروز، أغانٍ شهيرة، هو ذاته المسرحي الواقعي الجريء، والكاتب الساخر الذي يردد جمهوره مقولاته على الدوام.
فمنذ سن مبكرة جداً، لحنّ زياد لوالدته فيروز، أغانٍ شهيرة، وبحياة والده عاصي الرحباني وعمه منصور الرحباني الذين شكلا مع والدته الثلاثي، الذي صنع مع فيروز تاريخاً منفرداً وخالداً في الغناء العربي، وتمكن الابن من إثبات نفسه بقوة فيه.
كما أن المسرحيات الغنائية التي قدمها الثنائي الرحباني مع فيروز، شهدت انعطافاً كبيراً عندما دخلها زياد ملحناً وممثلاً، وسرعان ما أصبح مؤسساً لنمط مسرحي جديد وجريء في النقد الواقعي بدلاً من مثالية والديه وعمه.
ويموت زياد بينما ستبقى ألحانه ومسرحياته ومقولاته الجريئة، تحكي عن شاب لم يعجبه الواقع في لبنان، وقد شهد مع جيله الحرب الأهلية اللبنانية في حقبة السبعينيات وحتى أواخر التسعينيات، وباتت مواقفه من ذلك الواقع أشبه بأمثال شعبية.
ولد زياد في 1 كانون الثاني/يناير عام 1956، لأبوين لامعين في عالم الموسيقى والغناء والمسرح، بينما تحولت والدته لأيقونة عالمية لها مكانة خاصة في العالم العربي، ويبدأ الملايين يومهم بأغانيها حتى الآن.
لكن الطفل الصغير الذي لفتت موهبته الفنية أنظار والديه في سن مبكرة، أصدر بصمته الأولى وهو بعمر 17 عاماً تقريباً، عندما لحنَّ لوالدته أغنيتها الشهيرة "سألوني الناس" التي ترتبط بقصة مؤثرة عن مرض والده وغيابه عن الساحة الفنية.
شكلت "سألوني الناس" إعلاناً رسمياً عن ظهور أيقونة موسيقية جديدة، في المنزل الذي قدم لعالم الموسيقى والغناء الثنائي الرحباني والسيدة فيروز، وسمحت لجمهور كبير أن يتجرأ على تقديم زياد على والده وعمه في التقييم الفني.
إذ قدم زياد بعد تجربة "سألوني الناس" ألحاناً كثيرة لوالدته في أغاني وألبومات غنائية انفرد فيها بالتلحين لفيروز، ولاقت إعجاباً منقطع النظير، وظلت بالطلب ذاته على الاستماع حتى اليوم.
ويصنف البعض أغاني فيروز إلى حقبتين، وبالطبع لحقبة زياد مع والدته جمهور كبير جداً لا يقل عن جمهور فيروز مع الأخوين رحباني، عندما صنع الثلاثي مجداً فنياً لايزال بقوته حتى اليوم.
وامتدت حقبة زياد إلى المسرح، فالمسرحيات التي قدمها الإبن استقطبت جمهوراً كبيراً، سيما من جيل الشباب الذي أثارت جرأة زياد انتباهه واهتمامه أكثر من مثالية الأخوين رحباني وفيروز في مسرحياتهم الشهيرة.
وبينما تدور قصص مسرحيات الأخوين رحباني وفيروز حول الضيعة (القرية) والجبل والمختار والأهالي والحب، كان مسرح زياد يخوض في شوارع بيروت وحربها الأهلية وزعمائها ومعاناة السكان.
وبجانب مكانة زياد الرحباني في نفوس أجيال من اللبنانيين والعرب، فقد أثار الجدل كما كان يتوقع هو وكل من كتب عن تجربته الفنية، فتناوله الواقع وانخراطه في تعليقات سياسية، جرَّت عليه جزءاً من ذلك الجدل وحتى الانتقادات ومن ثم الانقسام بين جمهوره.
وتضم قائمة أعمال زياد الرحباني، أغاني وألحاناً ومسرحياتٍ ومقالات صحفية جريئة، بجانب أعمال شعرية أيضاً، جعلت التعريف عن ابن فيروز كما يتوقع له أن يكون، أمراً أعقد بكثير، إذ أصبح الرجل ملحناً وممثلاً وعازفاً على البيانو وشاعراً وكاتب مقالات ساخرا وناقداً ينتظر جمهور كبير تعليقاته على القضايا والأحداث.
موسيقى "وقمح"، وأغانٍ لفيروز مثل "سألوني الناس" و "كيفك أنت" ومسرحيات مثل "المحطة" و"سهرية" هي جزء فقط من أعمال خالدة للراحل زياد الرحباني الذي استند عليه فنانون آخرون في بناء نجاحاتهم الغنائية والمسرحية بجانب شراكته مع والديه.
