مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
منوعات

كيف جعل تيك توك الآباء يخشون قول "لا" لأطفالهم؟

تعبيرية المصدر: iStock

في عالم تسيطر عليه الشاشات والمحتوى السريع، لم تعد التربية مجرد علاقة خاصة بين الوالدين والطفل؛ بل أصبحت عرضاً مرئياً على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، حيث تسود اللقطات المثالية واللحظات الهادئة، يجد الآباء أنفسهم تحت ضغط هائل لتقديم صورة مثالية عن "الوالد اللطيف" الذي يوازن بين الهدوء والتعاطف اللامحدود.

وولّد هذا المشهد الرقمي، الذي نادراً ما يعرض الصراعات الضرورية لوضع الحدود، ظاهرة مقلقة، وهي التربية المتساهلة أو السلبية؛ التي ترتكز على دفء عاطفي كبير، وتتساهل في تحديد التوقعات، تاركة فراغاً هيكلياً أثار قلق المتخصصين في الصحة النفسية.

كيف تحوّل تطبيق بملايين المشاهدات إلى محفز لـ "الآباء الخائفين" الذين يخافون من قول كلمة "لا"؟

الجواب يكمن في وهم "الكمال الأبوي" الذي تروجه هذه المنصات. فبينما يخشى الآباء تكرار صرامة الماضي، يجدون أنفسهم أمام سيول من المحتوى الذي يظهر الأطفال "يقودون المشهد"، في غياب شبه تام للحظات الحاسمة التي تتطلب الانضباط والثبات.

ومع ندرة عرض المؤثرين لمواقف وضع الحدود، يزداد الخوف من الانتقاد العلني أو التقييم السلبي لأسلوبهم، مما يدفعهم للتفاوض مع طفل يصرخ في متجر البقالة بدلاً من تقديم التوجيه الواضح.

هذا الخلط بين "التربية اللطيفة" و"التساهل المطلق" يهدد بتقويض أساس النمو الصحي  بحسب ما يؤكده خبراء الصحة النفسية.

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

ما أثر "التربية المتساهلة" على الأطفال؟

وهناك عدة عوامل تغذي هذا الاتجاه بحسب ما أكده خبراء لموقع "سايكولوجي توداي": الخوف من أن يُنظر إلى الأهل على أنهم سلطويون، وتجارب الطفولة غير المحلولة، والقلق والاكتئاب لدى الوالدين، وسوء فهم لمفهوم "التربية اللطيفة" التي يخلطها البعض مع التساهل الكامل. ونتيجة لذلك، تصبح الروتينات مرنة أكثر من اللازم، والقواعد قابلة للتعديل، ما يترك الأطفال دون التوقعات الواضحة التي يحتاجونها للشعور بالأمان.

آثار عدم وضع حدود على صحة الطفل 

وتُظهر عقود من الأبحاث عواقب ذلك. فقد بيّنت نظرية التعلق لماري أينسورث أن الرعاية المتسقة تعزز التعلق الآمن، بينما قد يؤدي عدم الاتساق حتى في بيئات دافئة، إلى الشعور بعدم الأمان. كما تشير أبحاث ديانا بومريند إلى أن التربية المتساهلة (منخفضة الانضباط، عالية الاستجابة) غالبًا ما تكون أقل فعالية من التربية الحازمة المتوازنة التي تجمع بين الدفء والتوقعات الواضحة.

ودون حدود ثابتة، قد يواجه الأطفال صعوبات في تنظيم الذات، اتخاذ القرارات، تحمل الإحباط، والعلاقات الاجتماعية. كما يمكن لعدم الاتساق أن يزيد  القلق ويعزز الاعتماد المفرط على الآخرين. ورغم حسن نية الأهل، فإن غياب البنية قد يقوّض شعور الطفل بالأمان.

ويشدد الخبراء على أن الأطفال يحتاجون إلى التعاطف والانضباط معًا. فالتوقعات الواضحة، الروتينات الثابتة، التحقق من المشاعر مع الالتزام بالحدود، ونمذجة السلوك المسؤول، كلها تساعد على بناء المرونة والشعور بالثبات.

في النهاية، المحبة وحدها لا تكفي، ويؤكد الخبراء أن الأطفال ينمون بشكل أفضل عندما يجدون الدفء مقرونًا بالتوجيه، والحنان مدعومًا بالثبات، فهذا هو الأساس الحقيقي للنمو الصحي.
 
 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC