يعد جامع الدرويشية من المساجد الأثرية الهامة في دمشق. فقد بني عام 982هـ/ 1574م، أثناء حكم السلطان العثماني مراد خان الثالث، ووالي دمشق درويش باشا بن رستم باشا، الذي عُرف الجامع باسمه.
ويشتهر الجامع ببركة الماء التي تتوسط باحته، ورواقه الطويل المرفوع على أعمدة ومقنطرات مبنية بالحجر "الأبلق" الأبيض والأسود الذي يغلب على أساليب البناء الدمشقي، وقببه الكثيرة.
ويوجد بجانب الجامع، سبيل ماء يتغذى من مياه نبع الفيجة الذي ينبع منه نهر بردى، وقد جُدد الجامع عام 1364م، بعد أن سقطت مظلة المئذنة، كما رُمم وأعيد افتتاحه عام 2010.
ويربط الجامع مع قبته الكبيرة، ممر مسقوف يسمى "سباط" مبني على مقنطرات فوق الشارع، اعتمده البناؤون كحل لوصل الجامع مع القبة المفصولة عنه بطريق ضيق، ويوجد إلى جانب القبة ثلاث قباب صغيرة.
ويأخذ الجامع شكلاً مستطيلاً طوله 30م وعرضه 20م، ويفضي مدخله إلى فسحة سماوية تتوسطها بحرة يتوضأ من مائها المصلون. وتعتمر رواقه خمس قباب.
وتتنوع زخارف جامع الدرويشية بين الرخام والقاشاني المصنع محلياً، إلى جانب الرصائع الأناضولية على شكل عناقيد من العنب.
ويعتبر الدرويشية مثالاً على تنوع مخططات الجوامع في تلك الفترة، حيث القبة الكبيرة تغطي حرم الصلاة، يسبقها رواق يظهر فيه الدمج بين العمارة العثمانية والشامية.
ويظهر الأسلوب المحلي في البناء، عبر أروقة قاعة الصلاة العالية على كلا جانبي القاعة المقسمة إلى أروقة أخفض، على عكس الطراز المرتفع الخاص بالعمارة في إسطنبول.
وكان الجامع مركزاً لتجمع قوافل الحج القادمة من حلب إلى دمشق باتجاه الحجاز. وأثر ذلك على صفة المنطقة المجاورة حيث غلب عليها الطابع الديني بسبب التأثير الروحي للحج.
ويتوسط الجامع في منطقة تجارية نشيطة مقابل سوق الحريقة والحميدية وقلعة دمشق. ورغم أن بناءه يقع خارج سور المدينة القديمة، إلا أن قيمته التاريخية الممتدة قرابة 500 عام، وطراز عمارته، أعطته أهمية كبرى.
ويفضل معظم المصلين أداء الفروض في الجوامع التاريخية القديمة، لأنها تمنحهم شعوراً بالاستمرار مع مسيرة آبائهم وأجدادهم الذين كانوا يصلون فيها.
ويستقبل الجامع خلال شهر رمضان المبارك، مساهمات المتبرعين والجمعيات الخيرية، حيث يتردد المحتاجون على هذه الأمكنة القديمة، باعتبارها مصدر بركة وخير.
