logo
منوعات

في ذكرى ميلاده.. كيف تربع الماغوط على عرش القصيدة السياسية؟

في ذكرى ميلاده.. كيف تربع الماغوط على عرش القصيدة السياسية؟
الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط
13 ديسمبر 2024، 8:40 ص

تحل هذه الأيام ذكرى ميلاد الشاعر السوري محمد الماغوط، الذي تربع على عرش القصيدة السياسية من خلال كلمات سكنت الوجدان، ولا يزال يتداولها الملايين بكثافة، من المحيط إلى الخليج، بسبب ما تتميز به من حرارة التعبير، ورهافة الشجن، والسخرية الحادة اللاذعة.

وإذا كان أحمد شوقي هو "أمير الشعراء" بالمطلق، وأمل دنقل هو "أمير شعراء الرفض"، فإنه يمكن القول بكل طمأنينة أن محمد الماغوط هو "أمير شعراء الاحتجاج السياسي" الذي تحولت كلماته إلى لافتات تطالب بالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وتعبر عن أشواق البشر للحرية في كل مكان وزمان.

من أشهر قصائده في هذا السياق والتي تصف حالة مروعة من القهر الإنساني :"نحن الجائعون أمام حقولنا / المرتبكون أمام أطفالنا / المطأطئون أمام أعلامنا / الوافدون أمام سفاراتنا /  نحن الذين لا وزن لهم إلا في الطائرات / نحن وبر السجادة البشرية التي تُفرش أمام الغادي والرائح في هذه المنطقة".

 ويمضي في وصفه المذهل بلغة بسيطة ساحرة، آسرة، تبرز تناقضات صارخة قائلاً: "لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن /  أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات / أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية / أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب /  أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد / أعطونا الحليب المجفف وأخذوا الطفولة /  أعطونا الثوار وأخذوا الثورة". 

 

أخبار ذات علاقة

محمد الماغوط

من ربوة دمشق وطاولته القديمة.. "إرم نيوز" يقتفي أثر محمد الماغوط

 

كوميديا سوداء 

اعتمد شعره على بساطة اللغة والتحرر من القافية والوزن بشكلهما التقليدي وهو ما جعله أحد رواد ما يسمى بـ "قصيدة النثر" في نسختها العربية، كما برع في تفجير المفارقات الساخرة ورصد التناقضات في الواقع، بشكل أقرب إلى ما يعرف بـ "الكوميديا السوداء". 

وُلد محمد أحمد عيسى الماغوط، في 12 ديسمبر 1934، في قرية "سلمية" بمحافظة "حماة" وكان الابن البكر لأسرة ريفية بسيطة تعاني من شظف العيش وضيق ذات اليد، مما جعله يمتهن أعمالاً قاسية في سن مبكرة مثل رعي الخراف.

تعمق بداخله الإحساس بالظلم الاجتماعي بسبب طبيعة القرية التي كانت تتكون من أقلية ثرية وأغلبية من الفقراء والرعاة المعدمين، وهو ما تكرّس حين وجد اسمه معلقًا من جانب إدارة المدرسة الثانوية ضمن الطلاب الذين لم يسددوا الرسوم، وباتوا مهددين بالفصل، فشعر بالقهر والفضيحة فلم يكمل تعليمه. 

امتلأت حياته بالمفارقات العجيبة مثل التحاقه في صباه بأحد الأحزاب السياسية، فقط لأنه وجد في مقر الحزب مدفأة تقي عظامه برد الشتاء بدلاً من التدفئة بدخان مخلفات الحيوانات المحروقة في بيتهم المشيد من الطين.

رغم ذلك، تعرض للسجن مرتين بسبب هذا الانتماء الحزبي، حيث أبدع قصائده الأولى وهو داخل الجدران الرطبة المعتمة للزنازين. 

أخبار ذات علاقة

غلاف اخترعتُ الشعر

"اخترعتُ الشعر".. شاعر باكستاني يغني للحب ويتحدى الحرب

 

تأثير السجن 

ظلت كتاباته متقدة بمفردات الجوع والبرد والحزن والشكوى والحرمان، حتى بعد أن أصبح آمنًا على نفسه ومعروفًا على نطاق واسع، وهو ما علق عليه لاحقًا بقوله: "كل كتابتي من الشعر والسينما والصحافة كانت لترميم ذلك الكسر الذي ورثته من السجن، لكنني لم أستطع. "

كما عبر عن ذلك في إحدى قصائده بالقول: " مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير، أناشدك الله يا أبي /  دع جمع الحطب والمعلومات عني /  وتعال لملم حطامي من الشوارع /  قبل أن تطمرني الريح أو يبعثرني الكنّاسون /  هذا القلم سيقودني إلى حتفي /  لم يترك سجنًا إلا وقادني إليه / ولا رصيفًا إلا ومرغني عليه". 

ورغم أن الشعر هو المجال الأول الذي سطعت فيه شمس عبقريته حتى رحيله في 2006، إلا أنه تميز بشدة في مجال السيناريو وكتب الفيلم والمسلسل والمسرحية، كما برع على نحو خاص في المقال السياسي والنقد الفني كذلك. 

من أبرز أعماله الشعرية "حزن في ضوء القمر" و" الفرح ليس مهنتي" و"غرفة بملايين الجدران"، كما اشتُهر بفيلم "الحدود" الذي لعب بطولته دريد لحام 1984، وكذلك مسرحية " كاسك يا وطن"، إنتاج 1979. 

 ومن أشهر كلماته التي تعبر عن جوهر شخصيته بدقة تلك التي يقول فيها:"أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف، ولكنني أحب الرصيف أكثر /  أحب الغابات والمروج اللانهائية ولكنني أحب الخريف أكثر /  أحب الشهيق والزفير ورياضة الصباح، ولكنني أحب السعال والدخان أكثر". 

 

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC