على مدار ما يقارب من أسبوعين، استعاد الشعراء عبر فعاليات الدورة الـ 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب "عرشهم المفقود" الذي سلبه منهم ما يُسمى بـ"زمن الرواية" وما يتضمنه من أعمال أدبية سردية تستحوذ على الأضواء والجوائز والاهتمام النقدي والجماهيري.
وجاءت فعاليات المعرض الذي يختتم أنشطته اليوم لتؤكد على حالة الحيوية والبريق التي عاشها الشعر والشعراء على مدار أيام من ندوات وأمسيات مكثفة عنوانها العريض اللقاء المباشر مع الجمهور، فضلا عن ظهور العديد من الإصدارات البارزة في هذا السياق بين أجنحة دور النشر المختلفة.
وخصصت إدارة المعرض قاعة كبرى كاملة للشعراء فقط بعنوان "ديوان الشعر" تحتوي على ندوات فكرية لمناقشة هموم القصيدة العربية، مع أمسيات يلقي فيها الشعراء من كل الأجيال نماذج من أحدث أعمالهم.
واللافت أن المشاركين لم يقتصروا على المصريين أو العرب فقط، بل شملوا العديد من الأسماء البارزة على ساحة الشعر العالمي مثل الإيطالي لورا جريمالدي، وجاني لان من الولايات المتحدة، والروسي يفجيني ألكسندروفيتش، باربرا فوجاشنيك من سلوفينيا، وعزام أبيدوف من أوزبكستان، ورجا أحمد أمين الله من ماليزيا، مسعود شينول و طارق جونريسال وإكرامي أوستران من تركيا.
ومن أبرز الشعراء العرب الذين أثاروا التفاعل؛ الشاعر اللبناني عباس بيضون، ومن شعراء المغرب مصطفى غلمان ومراد قادي، والشاعر السوري فؤاد العواض، والشعراء منعم الفقير وطالب عبد العزيز وعبد الوهاب سعدون من العراق.
وحظيت أمسية "شعر بادية الجيزة وشمال جنوب الصعيد"، باهتمام كبير، إذ ألقى شعراء ينتمون إلى هذا الإقليم الجغرافي المصري قصائد حماسية تؤكد رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتوضح أن الشعر البدوي لا يقتصر على الغزل فقط، بل هو صوت يعبر عن قضايا المجتمع ويمتزج بهموم السياسة، انطلاقا من روح وطنية وحس عروبي.
وتحدثت الشاعرة الإنجليزية سانجا لوكيك عن تجربتها في الشعر والحياة عبر ندوة "الشعر الآن ..مشكلات ومساءلات"، مشيرة إلى أنها لم تكن قررت بشكل قاطع الاتجاه إلى كتابة الشعر، ولكن القصيدة هي التي وجدتها.
وأوضحت أن الكتابة بالنسبة لها يجب أن تنبع من أعماق القلب، قائلة: "عند كتابة الشعر، لا أشعر إلا بالحب، ليس الحب بين شخصين فقط، بل حب الإنسانية جمعاء".
وتحدث الشاعر الكندي نيكولاج مسيفيك عن أهمية الشعر في حياتنا، مؤكدا أنه في مختلف الثقافات تصدر مسؤولية التعبير عن هموم البشر ومخاوفهم وأحلامهم.
وأضاف: "الشعر مكون أساسي من مكونات الأدب منذ قديم الأزل، قادر على إصلاح العالم؛ لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن العالم لا يسمع الشعر، رغم أن الشعر هو الجسر الوحيد الحقيقي الذي يربط بين مختلف الثقافات".
وكان لافتا وجود العديد من العناوين الجديدة في مجال الشعر وقضاياه وهمومه ضمن إصدارت المعرض مثل ديوان "أبي الطيب المتنبي"، الصادر عن دار "بيت الحكمة" بالقاهرة، تحقيق وتعليق الدكتور عبد الوهاب عزام.
ويعد المتنبي أكثر شعراء العرب انتشارا على مر العصور، كما أن العديد من أشعاره تحولت إلى أمثال متداولة في حياتنا اليومية دون أن نعرف أنها مستمدة من قصائده، وهو ما يبرز أهمية صدور مثل هذا الكتاب الذي يجعل القارىء يعايش عصر المتنبي ويفهم سر عبقريته الخالدة.
