فقد الوسط الفني والثقافي السوري قامة إبداعية بارزة، برحيل الفنان التشكيلي والناقد السوري أسعد عرابي، الذي توفي الجمعة في العاصمة الفرنسية باريس، عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد مسيرة طويلة امتدت لعقود في خدمة الفن والفكر والنقد.
ونعى اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين الفنان الراحل، مشيدًا بدوره الريادي في المشهد التشكيلي العربي، حيث جمع بين الإبداع في الريشة والعمق في التحليل؛ ما جعل له بصمة متميزة في تاريخ الفن السوري الحديث.
وحسب وسائل إعلام سورية، فقد اشتهر عرابي بأسلوبه الحر وريشته المتجددة، إلى جانب قلمه النقدي الجريء، حيث كرس حياته للفن والمعرفة، وأسهم بجهوده الفكرية والفنية في إثراء الحركة التشكيلية العربية والسورية خاصة، مُخلِّفًا إرثًا متنوعًا من الأعمال والدراسات.
وُلد أسعد عرابي في دمشق العام 1941، وتخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، ثم انتقل إلى فرنسا العام 1975، حيث واصل دراسته العليا في الفنون، ونال دبلوم الرسم من المعهد العالي للفنون الجميلة، كما حصل على شهادة الدكتوراه في علم الجمال من جامعة السوربون؛ ما أضفى على تجربته عمقًا أكاديميًا وفلسفيًا وثقافيًا فريدًا.
وتميّزت أعمال الراحل بالمزج بين التجريد والمدن التي شكّلت ذاكرته البصرية، مثل دمشق وصيدا وباريس، كما كان للموسيقى حضورٌ جليّ في إلهامه الفني، حيث انعكست الأبعاد السمعية في تكويناته البصرية؛ ما أضفى على لوحاته طابعًا فنيًا وروحيًا خاصًا، ولم يكن عرابي مجرد فنان، بل كان ممثلًا للثقافة العربية في المحافل الدولية، وحاملًا لهموم الفن والهوية.
كما يُعد الراحل من أبرز المراجع في تاريخ الفن العربي الحديث والمعاصر، وقد أثرى المكتبة الفنية بعدد من المؤلفات المهمة، التي شكّلت مادة أساسية للباحثين والمهتمين، من أبرزها: "وجوه الحداثة في اللوحة العربية"، "صدمة الحداثة في اللوحة العربية"، و"شهادة اللوحة في نصف قرن"، فضلًا عن عشرات المقالات والدراسات النقدية التي أثّرت الساحة التشكيلية.