كيف يتحول مسار الجمهور من متفرّج سلبي إلى قوة فاعلة في إنتاج العنف وتبريره؟ سؤال يجيب عنه الروائي والصحفي السوري نبيل الملحم في كتابه الجديد "الجمهور القاتل.. الحشد الذي لا يُرى".
بقراءة عميقة ونصّ يتداخل فيه البحث السوسيولوجي بالتحليل الأدبي، يرصد الملحم آليات الشحن الجماهيري، ودور الخطاب الإعلامي والسياسي في صناعة الحشود التي تندفع نحو القتل، سواء كان القتل مادياً أو رمزياً.
لا يكتفي الكاتب بالتحليل السياسي المجرد، بل يرفده بمرجعيات من الأدب والمسرح والسينما، ليقدّم نصاً يتنقّل بين الدراسة النظرية والتأمل السردي، بأسلوب يلامس لغة الرواية، ويستحضر مشاهد من التاريخ والراهن على حد سواء.
في هذا الكتاب، يضع الملحم القارئ أمام سؤال مقلق: "كيف يتحوّل الحشد الذي لا يُرى إلى قاتل؟".
ينطلق المؤلف من قناعة أن فهم الجمهور ليس ترفاً فكرياً، بل ضرورة لفهم آليات العنف الجماعي، خصوصاً في عصر تحكمه الصور السريعة ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يتشكل الرأي الجمعي في لحظات، ويُوجّه في مسارات قد تكون مدمّرة.
عاش الملحم تجربة واسعة في الإعلام المرئي والمكتوب، وقدم برامج تلفزيونية بارزة مثل "ظلال شخصية"، وصدرت له مجموعة من الأعمال الروائية "سرير بقلاوة الحزين"، "بانسيون مريم"، "آخر أيام الرقص"، "موت رحيم"، "حانوت قمر"، ونصوص مسرحية أبرزها "أنا وهو والكلب".
في كتابه الجديد جاء الإهداء: "إلى الضمير: الذي ظلّ يهمس في الزوايا المظلمة، حتى حين غرقنا جميعًا في التصفيق.. الغريب الذي لا يُرى في الحشود، لكنه الوحيد الذي بقي مستيقظًا. ـ لا يفاوض، ولا يصفّق، ولا يخون نفسه. إن كان ما زال حيًّا، فليقرأ هذه الصفحات ويشهد على ما دفناه بأيدينا ثم بكينا عليه".