في لحظة توقف عندها الزمن، تحوّل المهندس السوري جريس جميل البشارة من موظف حكومي رفيع إلى رمزٍ شعبيّ للبطولة والتضحية.
اسمه الذي تصدّر صفحات السوريين ومواقعهم منذ الأحد الماضي، صنعه موقفٌ بطوليّ استثنائي، قدّم فيه حياته لينقذ العشرات من الموت المحقّق داخل كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق.
الهجوم الإرهابي الذي نفّذه انتحاري داخل الكنيسة، وأسفر عن سقوط ما لا يقل عن 20 ضحية، كان يمكن أن يكون أكثر دموية لولا تدخل جريس، مدير عام المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية في دمشق، وشقيقه، اللذين تصدّيا للمهاجم في لحظاته الأولى.
زوجة جريس المكلومة بفقدانه، سردت ما حدث بعين الشاهد الناجي، وأوضحت أنّ إطلاق النار بدأ خارج الكنيسة، فتراكض المصلّون وارتبكوا. وحين دخل الانتحاري إلى الداخل، اندفع زوجها وشقيقه لمواجهته، فحاول المهاجم صدّهما بإلقاء قنبلة لم تنفجر. وتمكّنا من الإمساك به ومحاولة تثبيته، لكنه فجّر نفسه خلال العراك، ليتحوّل المكان إلى مشهد مأساوي تقشعرّ له الأبدان.
تقول الزوجة: "رأيت بطن زوجي وكبده أمامي، لم أستوعب ما حدث إلا بعد ثوانٍ من الانفجار".
لم يكن جريس البشارة رجل سلطة فحسب، بل كان مواطناً حمل في لحظته الأخيرة شجاعة استثنائية، اعتبرها كثير من السوريين على مواقع التواصل موقفاً مفصلياً أنقذ حياة العشرات.
وتداولوا صورة البشارة وأطلقوا عليه لقب "بطل الكنيسة"، مشيدين بشجاعته النادرة.
وأعلنت وزارة الصحة السورية، الاثنين، ارتفاع عدد ضحايا التفجير، فيما تعهّد الرئيس السوري أحمد الشرع بمحاسبة من يقف خلف الهجوم، داعياً إلى الوحدة الوطنية في وجه ما يهدد البلاد.
وفي الوقت الذي تبنّى فيه تنظيم "داعش" العملية، اتهمت مصادر أمنية في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية بقايا فلول النظام السابق بالضلوع فيها.
يذكر أن تفجير كنيسة مار إلياس يُعدّ الأول الذي يستهدف دور عبادة منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.