مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
يظل اندلاع شرارة المشاعر بين رجل وامرأة مصدراً للإلهام الإبداعي بمختلف صوره على مر الأزمنة، لكن تكمن براعة المبدع في تحويل هذا الموضوع المتداول منذ فجر الإنسانية إلى زاوية أو مدخل لرصد قضايا جديدة ومناقشة هموم أخرى.
على هذه الخلفية، يمكن النظر إلى رواية "وريثة الظلال" الصادرة مؤخراً عن دار "دوّن" بالقاهرة للكاتبة المغربية ياسمين العيساوي حيث يربط الحب بين "كارما" الطبيبة النفسية وبين مديرها "الدكتور بدر" الذي تتفاجأ الطبيبة الشابة بأنه يؤمن بكل ما تراه مجافياً للمنطق أو العقل ويندرج تحت بند التفكير الخرافي.
من هنا، تصبح صدمة "كارما" مزدوجة، فهي مخلصة للعلم التجريبي ومؤمنة بما أكدته الحقائق عبر الخبرات الموثقة، لكن والدتها تؤمن بالعكس، حيث السحر والأرواح ووجود مسارات أخرى تحدد طبيعة التحديات وشكل المصير الذي ينتظر البشر.
يبدو النص للوهلة الأولى صراعاً بين التفكير العقلاني وبين نظيره الغيبي الذي ينتمي إلى عالم "الماورائيات"، لكن حين تتلقى الفتاة صدمة انحياز حبيبها إلى الضفة الأخرى التي تمثلها والدتها، يجد القارىء نفسه بإزاء تغيير في معادلة الصراع ومزيد من التشويق والإثارة.
تتصاعد الأحداث حين تكتشف "كارما" أن هناك طقوساً ظلامية تُدار في الخفاء وأن "الدكتور بدر" ليس مجرد طبيب نفسي، على وقع متسارع لمشاهد وتفاصيل مرعبة تجعل القارئ يحبس أنفاسه.
هكذا في توليفة واحدة، يمزج النص بين أجواء الرواية النفسية وفضاءات الرعب وحالات الرومانسية وفق حبكة صيغت بمقادير محسوبة ولغة تنتقل من الوعي إلى الهلاوس، مع محاولة حقيقية لرصد جوانب صادمة ومظلمة من النفس البشرية.
ومن الواضح للغاية أن المؤلفة من دراستها لكل من العلاج النفسي وعلم النفس الاجتماعي في التعبير بدقة عن الحالة الداخلية للشخصيات بمخاوفها العميقة ورغباتها الدفينة، ليكتسب العمل بالنهاية الكثير من المصداقية.