غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة جنوبي لبنان
انقلبت مرحلة الرخاء اللبناني إلى تندر ساخر بات يطرح المعاناة في قالب هزلي يصور الفارق الاقتصادي بين العام الماضي واليوم بسبب أسوأ أزمة اقتصادية مالية يشهدها لبنان على مر تاريخه.
وعكس الفنان اللبناني غسان الرحباني هذا الواقع عبر أغنية حملت عنوان "لسه فاكر كان زمان" متشوقًا لزمن لم يمر عليه الزمن.
ففي مطعم بالهواء الطلق يجمع ابن العائلة الرحبانية أصدقاءه إلى مأدبة غداء تشهد على فراغ الصحون من مضمونها الشهي واقتصار ما فيها على حبة زيتون، وعينات صغيرة من الأطعمة التي لا ترى بالعين المجردة.
وفي فيديو مصور يبدأ المدعوون بطريقة كاريكاتيرية تناول طعامهم بصحون شبه فارغة، واسترجاع الماضي غير البعيد، ويرددون:(بتتذكر من فترة / من فترة مش من زمان/ كنا نسافر من بلدنا لأيَّ مكان / كنا نأكل بالمطاعم ونشرب كمان/ ونغني بحبك يا وطني بحبك يا لبنان/ آي لسه فاكر كان زمان مش من زمان).
وتقول الأغنية في مقطع آخر:(ولمّا عملوا المهرجان وغنينا كمان/ بتتذكّر قديش عزفنا ورقصنا تمام/ ولمّا كان عودك يا حبيبي كان عودك رنان/ كان معك مصاري كتير وبتحوّل كمان/ وأموالك نَهَبُن زعيمك وبتحبّو كمان/ وزعيمك باقي حرامي بفضلك تمام/ لسه فاكر كان زمان مش من زمان).
ويقارن الفيديو الذي أخرجته "رانيا غصن الحاج" وظهر فيه الفنان الكوميدي "فادي شربل" بين الوضع السابق والوضع الحالي الصعب.
ويعتبر "الرحباني" أن هذا العمل يشكل صراعًا بين اللبناني وعنفوانه"فهناك من يحب الحياة ومازال يريد أن يذهب إلى المطعم في وقت أصبحت فيه الصحون فارغة".
وفي مشهد آخر من الفيديو تظهر امرأة تمثل اللبناني غير المقتنع بضرورة التحول إلى شراء الملابس الوطنية، وتغيير نمط حياته، وأنواع طعامه، واستبدال سيارته،"فالسيارة لم يعد باستطاعته استبدالها ساعة ما يريد، ودواليبه عليه الانتباه لها...يعني كل شيء عندك لم يعد بمقدورك تغييره".
وصرح غسان الرحباني خلال مقابلة تلفزيونية لـ"رويترز" أن هذه الأغنية تعكس مسيرة حياة المواطن ما قبل الاحتجاجات ضد السلطة الحاكمة في 17 تشرين الأول/أكتوبر، وما بعد".
وأضاف:"إما أن يقر اللبناني أن هناك تغييرًا جذريًا حصل في حياته أو أن لا يقر، وإذا لم يرد الاعتراف سيظهر ذلك على أعصابه وصحته مع الوقت، وإذا اعترف وتأقلم مع هذا التغيير يستطيع أن يستمر لأطول وقت ممكن في منطقة جغرافية يقولون إنها ولعانة".
ويشبّه الرحباني لبنان منذ العام 1975 تاريخ بداية الحرب الأهلية التي انتهت في 1990 إلى اليوم بمبنى ذي أعمدة فككوا جميع أعمدته وأبقوا على واحد، وظل لبنان صامدًا إلى أن"مسوا بالعمود الأخير الذي كان يسند المبنى وهو النظام المصرفي.. فوقع البلد".
ويعزو "غسان الرحباني" أسباب الانهيار إلى عوامل خارجية وليست داخلية، حيث قال:"القوى الخارجية تريد شيئًا ما من لبنان لأن الثورة (بدأت)، وكان سعر الدولار يوازي 1500 ليرة، وانتهت وأصبح الدولار بـ 8000. يعني نحن عملنا الثورة لكيلا تصل الأمور إلى هنا، إذن سواء أكانت هنالك ثورة أم لا، يريدون إيصالنا إلى هنا من أجل شيء ما".
هموم الوطن
اعتاد غسان الرحباني محاكاة الواقع بأغنيات ساخرة تجسد في كل مرة حالة البلد، وانتهاك بيئته، ومعاناة أبنائه مع نظام لا يتغير، ومنها أغنية (ارسم عمري) التي صورها في مرفأ بيروت ويظهر فيها مشاهد الدمار.
وأدى انفجار المرفأ في الرابع من آب/أغسطس، إلى مقتل 200 شخص، وإصابة أكثر من 6 آلاف، ودمر مناطق واسعة من المدينة.
وبعد الانفجار يقول ابن الفنان القدير إلياس الرحباني شقيق الأخوين رحباني إنه لم يعد قادرًا على "الكذب على اللبنانيين، وتصوير المدينة كما يردد بعض الفنانين على أنها بيروت التي لا تموت".
وأضاف:"أنا لا أراها تقوم، لأن توقيت هذا الانفجار كان مدروسًا لإلغاء بور (مرفأ) بيروت حتى يحل مكانه بور آخر، وساذج من يعتقد أن هذا الانفجار هو إهمال، ويمكن أن يكون إهمالًا استُغل من قِبل أعداء لبنان لإحداث تغيير جذري، هذا مدبر في توقيت معين".
وقبل (لسه فاكر) و (ارسم عمري)، كان الرحباني قد سخر من الأزمة المالية الاجتماعية في لبنان عندما احتُجزت أموال المودعين في المصارف، وأطلق أغنية (معك ما معك) التي جسدت بحسب الرحباني "ذل اللبنانيين على أبواب المصارف وهم يطالبون بالحصول على جزء من أموالهم".
وللرحباني منذ أكثر من 30 عامًا أغنيات وأعمال تحمل طابع التهكم على حال مرير ومنها:(معالي الوزير) و (طريق المطار)، أما أبرزها والتي يرددها اللبنانيون يوميًا فهي أغنية:(اشتغل وما تقبض يا حبوب كتب عليك العمل ببلاش).
لكن الأغنية التي لاقت شهرة واسعة هي (صارت سنة الألفين) التي يقول غسان عنها:"كنت أعتقد أنها ستعيش لعامها ولزمنها فقط، لكنني لم أكن أنتظر أن تستمر إلى هذا اليوم، وكنت أُفضل ألا تعيش إذا كانت بلادي ستظل على حالها المأسوي".
وتقول كلمات الأغنية (صارت سنة الألفين وراح الاحتلال/ وما عاد فيه مشاكل وريحنا هالبال/ والوزارات نظيفة وعقولنا خفيفة...صارت سنة الألفين وصار عنا نظام/وصار فيه زفت كتير، وبقينا على العظام/ وخلصت الرشاوي وعم نرقص بداوي).
وغسان الرحباني هو موسيقي، ومنتج، وكاتب أغانٍ، وملحن، وموزع، وقائد أوركسترا، وعازف بيانو، ومغنٍ، وممثل مسرحي، ولد في بيروت العام 1964 وبدأ التأليف الموسيقى مبكرًا.
وشارك بالغناء مع أخيه جاد ووالده إلياس في ألبوم يضم أشهر أغاني الأطفال في لبنان في 1976، كما قدم عدة مسرحيات منها المسرحية التاريخية (هنيبعل) التي عرضت في مهرجانات في لبنان وتونس.
وكون في 1997 فرقة (الفور كاتس) التي أحيت العديد من أغاني إلياس الرحباني.