في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية والسياسية العالمية، تتجه الأنظار إلى سويسرا، حيث تشهد مصافي تنقية الذهب نشاطاً غير مسبوق.
وخلف جدران محصنة في منطقة صناعية بمدينة مندريزيو، تعمل مصفاة "أرغور-هيراوس" بكامل طاقتها لمعالجة كميات هائلة من الذهب، مستفيدةً من ارتفاع الطلب العالمي على المعدن النفيس باعتباره ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات الأزمات.
ووفقا لتقرير صحيفة "لوموند" الفرنسية تُعد المصفاة، التابعة لمجموعة "هيراوس" الألمانية المتخصصة في المعادن الثمينة، إحدى أكبر منشآت تكرير الذهب في العالم بطاقة سنوية تبلغ 1380 طناً.
وساهم ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، تجاوزت 3,300 دولار للأونصة نهاية أبريل/نيسان الحالي، في زيادة وتيرة العمل داخل المنشأة، وسط طلب متنامٍ من الأسواق العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة.
بدورها، تؤكد الشركة رغم ضخامة العمليات، أن الذهب الذي تعالجه لا يدخل ضمن أصولها، إذ تقتصر مهمتها على تنقيته بنسبة نقاء 99.99% لصالح عملائها مقابل رسوم ثابتة، ضمن هوامش ربح محدودة.
وتستقبل المصفاة الذهب الخام من مناجم في كندا والولايات المتحدة وبيرو والأرجنتين، حيث يخضع لعمليات معقدة لفصل المعادن المصاحبة وصبّه في سبائك مطابقة لمواصفات جمعية سوق لندن للسبائك.
وأوضح التقرير، أنه "خلال الأشهر الماضية، قفزت صادرات الذهب السويسري إلى الولايات المتحدة من 10 أطنان شهرياً إلى 195 طناً في يناير/كانون الثاني، مدفوعة بمخاوف من سياسات تجارية أكثر تشدداً قد تفرضها إدارة ترامب المقبلة، ما زاد من إقبال المصارف والمستثمرين على الذهب كأداة تحوط".
وتجدر الإشارة إلى أن أنشطة "أرغور-هيراوس" لا تقتصر على السبائك الكبيرة، بل تشمل أيضاً تصنيع منتجات صغيرة مثل "غولدسيد"، الذي يحتوي على قطع ذهبية صغيرة تسهّل حيازة المعدن في أوقات الأزمات المالية.
وشدد التقرير، على أن "سويسرا تبقى محوراً رئيسياً لتجارة الذهب العالمية رغم الانتقادات التي تطال قوانينها التنظيمية".
وفي هذا السياق، تعمل "أرغور-هيراوس" على تعزيز مبادرات "الذهب الأخلاقي" عبر تقنيات متطورة لتحليل البصمة الجيولوجية، بما يضمن شفافية سلاسل التوريد وكشف مصادر الذهب بدقة.