logo
اقتصاد

رواتب دون عمل.. "موظفون أشباح" يستنزفون الخزينة السورية

رواتب دون عمل.. "موظفون أشباح" يستنزفون الخزينة السورية
العملة السوريةالمصدر: رويترز
02 فبراير 2025، 4:51 ص

دخل مصطلح "الموظفين الأشباح" إلى معجم الاقتصاد السوري حديثًا، بعد عمليات تدقيق تناولت أوضاع المؤسسات الحكومية، وميزانياتها، والكوادر العاملة فيها، حيث يُطلق هذا المصطلح على آلاف الموظفين الذين يتقاضون رواتب شهرية دون أن يباشروا أي عمل فعلي.

وكشف وزير المالية في الإدارة السورية الجديدة، محمد أبازيد، أن نحو 1.3 مليون موظف يتقاضون رواتب حكومية، في حين أن عدد الموظفين الذين يلتزمون بالدوام الفعلي لا يتجاوز 900 ألف.

أخبار ذات علاقة

الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يلقي "خطاب النصر"

"موقف غامض" للخارجية الأمريكية من تعيين الشرع رئيسا لسوريا

وأضاف أبازيد أن 400 ألف من "الموظفين الأشباح" يمثلون عبئًا على خزينة الدولة، مشيرًا إلى أن الاستغناء عنهم سيوفر موارد مالية ضخمة.

ووفقًا لحسابات تقريبية، فإن رواتب 400 ألف موظف شبح، باحتساب متوسط الراتب الشهري عند 30 دولارًا، تستنزف الخزينة بمبلغ يُقدّر بـ12 مليون دولار شهريًا، دون أي إنتاجية فعلية.

وكان وزير التنمية الإدارية، محمد السكاف، المشرف على تعداد العاملين في القطاع العام، قد صرّح بأن الدولة تحتاج فقط إلى ما بين 550 ألفًا و600 ألف موظف، أي أقل من نصف العدد الحالي.

منذ سقوط النظام في الـ8 من ديسمبر الماضي، تعمل الحكومة السورية المؤقتة على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، بهدف التخلص من "الموظفين الأشباح"، ومنح إجازات مأجورة للموظفين الفائضين حتى يتم إيجاد حلول مناسبة لهم.

واتخذت بضع وزارات إجراءات بهذا الشأن، إذ منحت وزارة الزراعة إجازة مدفوعة الأجر لمدة 3 أشهر للعاملين المعيّنين من المسرحين من الجيش، والمفرغين من حزب البعث، وذوي الشهداء، تمهيدًا لفصلهم أو إيجاد بدائل أخرى. كما اتبعت وزارات الصحة، والنقل، والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، نهجًا مماثلًا.

مشكلة الموظفين الفائضين

إلى جانب الموظفين الأشباح، تواجه الحكومة تحديًا آخر يتمثل في الموظفين الفائضين الذين لا يُسند إليهم عمل حقيقي. على سبيل المثال، منح 80% من موظفي القطاع الصحي في طرطوس و700 موظف من مديرية صحة درعا إجازات مدفوعة الأجر لمدة 3 أشهر؛ ما أثار احتجاجات واعتصامات.

وتُظهر الإحصائيات أن مديرية صحة درعا تضم نحو 1781 موظفًا، بينما الحاجة الفعلية لا تتجاوز 900 موظف، وهو ما ينطبق على العديد من مؤسسات القطاع العام. وتُعد مشكلة موظفي القطاع العسكري من أكثر القضايا تعقيدًا، حيث يقدّر عددهم بنحو 400 ألف موظف.

التحديات القانونية والاقتصادية

لا تبدو عملية إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية أمرًا سهلًا، في ظل الأعداد الضخمة من الموظفين الأشباح والفائضين. وتُحاول الإدارات نقل بعضهم إلى جهات تعاني نقصًا في الكوادر.

ويشير المحامي زاهر قوشقجي إلى أن "قرار فصل الموظف يصدر عن رئيس مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح لجنة تضم وزير العدل، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ورئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية". إلا أن القوانين المنظمة لهذه العملية تم تعليقها، في انتظار وضع هيكلة جديدة للمؤسسات.

كما أشار قوشقجي إلى أن الحكومة وعدت المواطنين بزيادة الرواتب بنسبة 400% خلال عام 2025، معتبرًا أنه "ليس منطقيًا أن يتم تمويل هذه الزيادة عبر فصل عدد كبير من الموظفين، باستثناء الأشباح الذين يمكن الاستغناء عنهم فورًا".

من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي عامر شهدا أن تأهيل الموظفين الفائضين عبر دورات تدريبية وإعادة توزيعهم في قطاعات تحتاج إلى كوادر قد يكون حلًا بديلًا، مضيفًا أن "الإجراء الحكومي لمحاربة البطالة المقنّعة صحيح، لكن يمكن الاستفادة من هؤلاء الموظفين بعد تدريبهم وتأهيلهم".

الاقتصاد الحر وإصلاحات القطاع العام

وكانت الحكومة أعلنت التوجه نحو اقتصاد السوق الحر، وخصخصة المؤسسات العامة الخاسرة والمتهالكة. وصرّح وزير المالية محمد أبازيد قائلًا: "بعض الشركات المملوكة للدولة وُجدت فقط لسرقة الموارد، وسيتم إغلاقها".

ويرى الخبراء أن إنهاء ظاهرة الموظفين الأشباح والتعامل مع الفائضين يتطلب إجراءات مدروسة لضمان عدم تفاقم معدلات البطالة، مع تحقيق التوازن في الإصلاحات الاقتصادية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC