المفوضية الأوروبية: نشهد تقدما حقيقيا بفضل التنسيق بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة
في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي اتهامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "ضعيف ومتداعٍ"، تسعى المفوضية الأوروبية جاهدَة لإثبات العكس من خلال إبرام صفقة تجارية ضخمة مع دول أمريكا اللاتينية قبل عيد الميلاد.
لكن فرنسا تقف حجر عثرة أمام هذا الطموح، في خطوة قد تقتل اتفاقية استغرق التفاوض عليها ربع قرن كامل.
وتلعب فرنسا بورقة الوقت في مواجهة تصويت حاسم على اتفاقية التجارة الضخمة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركوسور اللاتيني، وفقًا لثلاثة دبلوماسيين أوروبيين، في استراتيجية حذّر أحدهم من أنها قد تدمّر الاتفاقية التي طال انتظارها.
ومع اقتراب موعد رحلة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى البرازيل لحضور حفل التوقيع، الذي لم يتبقَّ عليه سوى نحو أسبوع، تطلق باريس صفّارات الإنذار معلنةً أن مطالبها طويلة الأمد لم تُلبَّ بعد.
وتحذّر فرنسا من أنها لن تتمكن من دعم الاتفاقية في التصويت الوشيك من قبل الدول الأعضاء، مقترحةً تأجيله إلى يناير بدلًا من ذلك.
قد يترك هذا التأجيل الرئاسة الدنماركية لمجلس الاتحاد الأوروبي دون الأغلبية الفائقة المطلوبة لتمرير الصفقة. وبموجب قواعد الاتحاد الأوروبي، يتطلب ذلك دعم "أغلبية مؤهلة" من الدول الأعضاء، أي 15 دولة من أصل 27 دولة في التكتل تمثل 65% من سكانه.
وكررت الحكومة الفرنسية الخميس أنها غير راضية عن الاتفاقية، وأن قرارها النهائي سيعتمد على التقدم المُحرز نحو مطالبها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافريو لمجلة "بوليتيكو": "فرنسا قوة زراعية كبيرة، وندافع عن مصالحنا الزراعية بحزم شديد في هذه المفاوضات... نواصل العمل على هذه الاتفاقية، التي هي غير مقبولة في شكلها الحالي في اليوم الذي أتحدث فيه إليكم".
ورفض كونفافريو التعليق عندما سُئل عمّا إذا كانت فرنسا تدفع لتأجيل التصويت إلى يناير.
وحذّر دبلوماسي أوروبي كبير من أن صفقة التجارة التي طال انتظارها، والتي استغرقت ربع قرن من المفاوضات وستخلق سوقًا مشتركة تضم أكثر من 700 مليون شخص، لن تنجو من تأخير آخر.
وقال الدبلوماسي، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه المسألة الحساسة: "إذا لم توقّع [فون دير لاين]، وإذا لم نسمح لها بالتوقيع في العشرين من ديسمبر، فإن الصفقة ميتة. وحينها نحتاج حقًا إلى التفكير فيما إذا كان هذا هو المكان الذي نريد أن نكون فيه في العالم".
تُعَدّ أيرلندا، التي تظل واحدة من الدول الأكثر تشككًا؛ بسبب قاعدتها الزراعية الكبيرة، من بين الدول المترددة. وقال نائب رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس الخميس إن بلاده "تعمل مع دول ذات تفكير مماثل" بشأن موقفها من الاتفاقية، في إشارة إلى ما يسمى بـ"ائتلاف الممانعين" الذي تغيّر مع مرور الوقت وضمّ دولًا مثل بولندا والنمسا.
وأضاف هاريس: "السؤال الرئيس الآن هو ما إذا كانت الأقلية المعرقلة لا تزال موجودة. وأعتقد أن الحكم لا يزال معلّقًا بعض الشيء على ذلك".
ستثير تكتيكات المماطلة غضب الدول المؤيدة لميركوسور بقيادة ألمانيا، التي تجادل بأنه تم بالفعل استيعاب المطالب الفرنسية، بما في ذلك اقتراح ضمانات إضافية لحماية المزارعين الأوروبيين في حال غمرت لحوم البقر أو الدواجن اللاتينية الأسواق الأوروبية.
لكن باريس مصرّة على أن شروطها الثلاثة الأساسية، تضمين "شروط المرآة" (التي تلزم المنتجين اللاتينيين بمعايير أوروبية)، وضوابط صحية أقوى، والضمانات الزراعية، لم تُلبَّ بعد.
لا يزال يتعين إجراء تصويت منفصل في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي الثلاثاء المقبل بشأن الضمانات الزراعية. وكانت لجنة التجارة في البرلمان قد وافقت الأسبوع الماضي على تعديلات توافقية لتشديد الحماية.
ومع ذلك، قد يؤدي طوفان متأخر من التعديلات الجديدة إلى تعقيد الأمور قبل يومين فقط من موعد انعقاد قمة قادة الاتحاد الأوروبي في نهاية العام في بروكسل.
ومن جانبه، قال دبلوماسي من إحدى دول ميركوسور إن موعد التوقيع لا يزال قائمًا: "ما زلنا نتحدث عن 20 ديسمبر". وأضاف الدبلوماسي، الذي مُنح أيضًا عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه المسألة البالغة الحساسية: "لم يتخلَّ أحد عن ذلك بعد".
يضمّ تكتل ميركوسور الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي، وتسعى المفوضية الأوروبية لإبرام الاتفاقية معه كخطوة استراتيجية لإثبات قوة أوروبا في مواجهة الانتقادات الأمريكية، لكن المصالح الزراعية الفرنسية قد تحول دون ذلك.