أبدى خبراء ليبيون تأييدهم لمطالب تشكيل إدارة مشتركة لمراقبة مليارات الدولارات من الأموال المكدسة في البنوك الدولية، وسط إبداء مخاوف من توجيه جزء منها لتمويل صراعات يشهدها العالم.
وهيمنت مسألة مراقبة الأموال الليبية المجمدة في الخارج على مناقشات آخر إحاطة لمجلس الأمن الدولي حول البلاد، وطالب مندوب ليبيا الدائم لدى مجلس الأمن، طاهر السني لجنة العقوبات الدولية بإبلاغهم رسميا بأي طلبات تتعلق بالأموال المجمدة حتى تتمكن حكومة الوحدة من الرد عليها بشكل رسمي.
وهذا التجاهل الرسمي، بحسب السني، يشكل تهديدًا للاستقلالية المالية الليبية ويعزز من شعور الليبيين بأنهم مستبعدون من القرارات الدولية التي تمس شؤونهم الحيوية.
وفي السياق كشف الوزير المكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية الطاهر الباعور على هامش اجتماعات الجمعية العامة بالأمم المتحدة بنيويورك، أن ليبيا تطالب بمعلومات عن إدارة الأموال المجمدة تحت التجميد، مشيرا إلى قبول فكرة رقابة دولية ليبية مشتركة لتلك الأصول.
وأوجز الدبلوماسي أسباب صعوبة قرار مثل رفع التجميد لحاجة البلاد أولا إلى "سلطة موحدة وإدارة موحدة وأن تكون عملية الصرف ذات معايير دولية وشفافة، كما تحتاج للتقيد بالكثير من الشروط لرفع التجميد عن الأموال".
وكشف "أن المؤسسة الليبية للاستثمار قدمت الكثير من المقترحات لإدارة هذه الأموال، وحسب المعلومات المتوفرة هناك قبول لهذه الفكرة، بحيث تكون رقابة مشتركة لإدارة الأموال، وفي قادم الأيام سيكون جديد في هذا الملف".
واشترط المحلل السياسي الليبي إسلام الحاجي لـ"إرم نيوز"، لتشكيل إدارة مشتركة لإدارة الأصول المجمدة "صدق النوايا لتكون هناك شفافية في عملية التصرف فيها"، خاصة في ظل المخاوف من سوء الإدارة الذي عم جميع الحكومات بعد 2011.
وحذر الحاجي من استغلال هذه الأموال المكدسة منذ سنوات لتغذية حروب يشهدها العالم في غزة أو أوكرانيا، لذلك يتوجب أن يكون هناك إشراف دولي، "وهو مطلب وجيه حتى لا نرى أن الأموال ذهبت في تغذية الصراعات العالمية"، حسب تعبيره.
وأكد الباحث السياسي، مساعي الحكومة سواء في الشرق أو في الغرب الليبي لإقامة مشاريع الإعمار والتنمية في المناطق التي يسيطرون عليها، في حين تسعى حكومة عبد الحميد الدبيبة لمحاولة كسب الدعم من المجتمع الدولي للإفراج عن بعض الأموال المجمدة ولتحسين الأحوال الاقتصادية.
وسبق لحكومة الوحدة الوطنية أن حذرت دولا لم تسمها من محاولة الاستيلاء على الأموال الليبية المجمدة في الخارج منذ عام 2011، مؤكدة أنها لن تسمح بتحقيق ذلك.
وفي السياق، أكد الباحث السياسي حسام الدين العبدلي، "حق الحكومة الليبية في الحفاظ على أموال الدولة، فهي في النهاية ملك للشعب، وليس للحكومات الغربية والأوروبية".
وقال العبدلي إن عدة أسباب تجعلنا بحاجة إلى حماية الأصول التي تعود إلى حقبة معمر القذافي، منها "حالة تآكل هذه الأموال ومن الأمثلة تأميم بوركينافاسو مصرف مشترك مع طرابلس منذ الثمانينيات، وأيضا دولة بلجيكا التي تحاول الاستيلاء على المليارات المجمدة، وهي حكومات تسعى لاستغلال الوضع السياسي المنقسم في البلاد".
وحسب الباحث السياسي، "لا يهم من يقوم بالرقابة على الأصول سواء شرق أو غرب ليبيا، ما يهم ألا تضيع أموالهم، وفي حالة تصرف الحكومات فيها قد تقود بهم لملاحقات قضائية من جانب ليبيا".
وكان وريث العرش البلجيكي، الأمير لوران، حاول اقتناص قرار قضائي بسحب جزء من مستحقاته من الأموال المجمدة، وقرر أخيرا اللجوء إلى السلطات الإيطالية للمطالبة باسترداد عشرات الملايين من الدولارات استثمرها في ليبيا عام 2008، وذلك بعد نحو عام من مقاضاة السلطات الليبية له بتهمة "الاحتيال".
وتحدثت وسائل إعلام بلجيكية في تموز/ يوليو الماضي، عن إجراء السلطات تحقيقات تتعلق بمصير نحو 2.3 مليار دولار من فوائد الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، التي تبيّن من التحقيقات أنه تم الإفراج عنها بشكل غير قانوني ما بين عامي 2012 و2017.
وفي أواخر مايو الماضي أعلنت حكومة المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو تأميم المصرف العربي الليبي للتجارة والتنمية الذي أنشئ بموجب اتفاقية شراكة بين البلدين عام 1984، زاعمة أنها "تهدف إلى ضمان حوكمة أفضل للبنك".
وبعدها مباشرة عارض الجانب الليبي ذلك الإجراء في بيان صدر عن المصرف الليبي الخارجي، صاحب الاختصاص، الذي اعتبر فيه قرار السلطات المؤقتة في بوركينا فاسو "إجراءً غير قانوني".
وفي يناير 2023، صادرت أفريقيا الوسطى أصولا ليبية تتمثل بفندق خمس نجوم وعمارتين سكنيتين وقطعة أرض.
وأكدت وكالة "إيكوفين" للدراسات الاقتصادية في تقييم لها انخفاض أصول المؤسسة الليبية للاستثمار المجمدة في الخارج بمقدار 800 مليون دولار في عام 2022.
ووفقا للتقرير السنوي لمكتب التدقيق فإن القيمة الإجمالية لأصول المؤسسة الليبية للاستثمار تراجعت إلى 38.88 مليار دولار في نهاية عام 2022 مقارنة بـ 39.68 مليار دولار في نهاية عام 2021.