logo
اقتصاد

بعد فوز رودريغو بالرئاسة.. هل تنجح بوليفيا في حل أزمتها الاقتصادية؟

رودريغو بازالمصدر: رويترز

أكد خبراء في الشؤون اللاتينية، أن الرئيس البوليفي المنتخب، ذا التوجه اليميني الوسطي رودريغو باز، سيسعى إلى تحول بلاده إلى رأسمالية معتدلة في البلاد مع محاولة الحفاظ على بعض المكتسبات الاجتماعية القائمة، بعد أن دفعت البلاد ثمن سياسات اقتصادية يسارية حققت فشلا وأزمة خانقة كبيرة.

ورجحوا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، عمل رودريغو باز على إعادة توجيه السياسة الخارجية للبلاد، وذلك من خلال تقارب أكبر مع الولايات المتحدة، ومراجعة العلاقات القائمة مع كل من الصين وروسيا، والانفتاح على المؤسسات المالية الدولية.

ولكن أوضحوا أنه بالرغم من وجود توقعات بجلب هذا التحول المنتظر التمويل للبلد اللاتيني، لكنه في المقابل قد يثير توترا واحتجاجات من قبل النقابات العمالية اليسارية، التي لا تزال تحتفظ بحضور قوي في المجتمع، وخاصة تلك المرتبطة بقطاع الطاقة، والتي تخشى العودة إلى سياسات الخصخصة وما تعتبره قمعا للحقوق.

وتبدو المؤشرات الاقتصادية في بوليفيا مقلقة، في ظل وجود تضخم مرتفع يتراوح بين 23% إلى 25%، بالإضافة إلى نقص في البنزين والاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية، إلى جانب نمو اقتصادي ضعيف لا يتجاوز نسبة 2% في الفترة الأخيرة.

وفاز السيناتور الوسطي اليميني رودريغو باز بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في بوليفيا، التي أجريت الأحد الماضي، بحصوله على 54,5% من الأصوات حيث جاء الإعلان عن ذلك الفوز بعد فرز أكثر من 97% من أوراق الاقتراع، كما أعلنت "المحكمة الانتخابية العليا"، بحسب ما أوردته "فرانس برس"، فيما ونال خصم باز، الرئيس اليميني السابق خورخي "توتو" كيروغا، 45,4% من الأصوات. 

أخبار ذات علاقة

رودريغو باز يحيي أنصاره

بعد إزاحة خورخي كيروغا.. رودريغو باز رئيساً جديداً في بوليفيا

وسيتولى الفائز رودريغو باز مقاليد السلطة في الـ8 من نوفمبر/تشرين الثاني خلفا للرئيس المنتهية ولايته لويس آرس، الذي عزف عن الترشح بعد 5 سنوات في الحكم شهدت أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد منذ 4 عقود. 

ويقول أستاذ التواصل السياسي في جامعة كادس إشبيلية الإسبانية والخبير في العلاقات الدولية، الدكتور محمد المودن، إن الهزيمة التاريخية لـ"الحركة نحو الاشتراكية"، والتي تعرف اختصارا بـ"ماس"، مثلت تحولا كبيرا في المشهد السياسي في البلاد.

وأوضح المودن في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه لأول مرة منذ نحو عقدين، تغيب قوة يسارية منافسة عن الجولة الثانية من الانتخابات، الأمر الذي جعل المواجهة بمثابة استفتاء على الأداء الاقتصادي والاستقرار المؤسسي في بوليفيا، لافتا إلى أن هذا التحول يعكس بطبيعة الحال، انقساما واضحا في الكتلة السياسية التي كانت مهيمنة في السابق، وهو ما يفسر حالة التقلب السياسي وربما ما وصفه بـ"الشرعية غير المستقرة" التي قد يواجهها الرئيس المنتخب رودريغو باز خلال الفترة المقبلة.

ولفت المودن إلى أن المؤشرات الاقتصادية تبدو مقلقة، في ظل وجود تضخم مرتفع يتراوح بين 23% إلى 25%، بالإضافة إلى نقص في البنزين والاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية، إلى جانب نمو اقتصادي ضعيف لا يتجاوز نسبة 2% في الفترة الأخيرة.

واستكمل المودن أن كل هذه العوامل تضع البلاد على حافة أزمة حقيقية في ميزان المدفوعات، وسط توتر مالي متزايد، مع تحذير صندوق النقد الدولي مؤخرا من مخاطر متصاعدة، مما يتطلب تعديلات اقتصادية كلية في بوليفيا، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وإنعاش الاقتصاد.

ورجح المودن أن يعمل رودريغو باز إلى إعادة توجيه السياسة الخارجية لبوليفيا، وذلك من خلال تقارب أكبر مع الولايات المتحدة، ومراجعة العلاقات القائمة مع كل من الصين وروسيا، بالإضافة إلى الانفتاح على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما في قطاعي الغاز والليثيوم، لافتا إلى أن هذا التحول قد يؤدي إلى جلب التمويل والتكنولوجيا، لكنه في المقابل قد يثير توترا واحتجاجات من قبل النقابات العمالية اليسارية، التي لا تزال تحتفظ بحضور قوي في المجتمع البوليفي، وخاصة تلك المرتبطة بقطاع الطاقة، والتي تخشى العودة إلى سياسات الخصخصة وما تعتبره قمعا للحقوق.

وتوقع المودن أن تواجه بوليفيا ضغوطا متزايدة بين تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وبين احتواء الشارع الغاضب، وإذا لم تستطع القيادة الجديدة التوفيق بين الإصلاح الاقتصادي والحوار المجتمعي، فقد تتحول الأزمة الاقتصادية إلى أزمة شرعية وسياسية أعمق.

 ويؤكد الباحث في شؤون دول أمريكا اللاتينية، الدكتور محمد عطيف، أن هذه الانتخابات حملت لحظة فاصلة في بوليفيا حيث تعكس نهاية المرحلة اليسارية التي جسدها حزب حركة نحو الاشتراكية "ماس" طوال عقدين من الزمان، وبطبيعة الحال فإن التحول واضح نحو اليمين، لا يعبر فقط عن تغير في المزاج الانتخابي في هذا البلد بل تحول بنيوي في الوعي السياسي والاجتماعي الذي ضاق ذرعاً من الشعارات الشعبوية وفشل السياسات الاقتصادية اليسارية في تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.

ويرى عطيف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه اللحظة تشكل نقطة إنطلاق جديدة لإعادة صياغة التوازنات الخاصة بالمشهد السياسي في بوليفيا في وقت يسعى فيه رودريغو باز لرأسمالية معتدلة تحافظ على بعض المكتسبات الإجتماعية.

 ويعتقد عطيف أن الأزمة الاقتصادية التي تعرفها بوليفيا تشكل الخلفية الحقيقية لهذا التحول السياسي، وتدهور احتياطات النقد الأجنبي وتراجع إنتاج الغاز وتفاقم العجز المالي، وهي عوامل ساهمت في فقد الثقة في اليسار ودفعت نحو تبني خيارات يمينية إصلاحية على الرغم مما تحمله من كلفة اجتماعية، وبالتالي الأزمة لم تعد تقرأ فقط في ضوء الأرقام بل في التحول في المجتمع البوليفي الذي بات يفضل الكفاءة الاقتصادية على الخطاب الأيدلوجي والاستقرار المالي على الوعود الشعبوية. 

واستطرد عطيف أن بوليفيا كانت من الدول اليسارية التي استمر فيها هذا التيار لمدة طويلة مؤكدا أن صعود اليمين، سيعيد تموقع البلاد داخل الفضاء الأمريكي اللاتيني في ظل موجة جديدة من التحولات السياسية المحافظة وأن كان ذلك واعدا من حيث فرص النمو وجذب الاستثمارات إلا أنه ينطوي على التحديات الاجتماعية الحقيقة في ظل هشاشة البنية الإنتاجية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC