ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"

logo
اقتصاد

الفرنك الباسيفيكي.. عملة من زمن الاستعمار تشعل صراع الهوية في كاليدونيا

الفرنك الباسيفيكي.. عملة من زمن الاستعمار تشعل صراع الهوية في كاليدونيا
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جلسة قمة حول كاليدوني...المصدر: رويترز
06 يوليو 2025، 1:10 م

بينما تشهد كاليدونيا الجديدة أزمة سياسية، عاد موضوع العملة المحلية، الفرنك الباسيفيكي، ليأخذ حيزًا في النقاشات الدائرة، حيث إن هذا النظام النقدي، الذي تتشاركه مع بولينيزيا الفرنسية وواليس وفوتونا، هو إرث من التاريخ الاستعماري، لكنه لا يزال حتى اليوم في قلب انقسام سياسي وهوياتي حاد. 

ويُستخدم الفرنك الباسيفيكي في كاليدونيا الجديدة، بولينيزيا الفرنسية وواليس وفوتونا. وهو يجمع بين ثلاث وظائف متداخلة: تذكير بالماضي الاستعماري، أداة للاستقرار الاقتصادي، ورمز سياسي يختلف تأويله بحسب الخلفيات. فبالنسبة للبعض، يمثل وسيلة للتمايز، بينما يعتبره آخرون عائقًا أمام التقدم.

أخبار ذات علاقة

ماكرون خلال قمة حول كاليدونيا الجديدة في الإليزيه

مستقبل كاليدونيا الجديدة يثير أزمة سياسية في فرنسا

وبحسب صحيفة "لوجورنال دوديمانش" الفرنسية، أُنشئ الفرنك الباسيفيكي في عام 1945 ليحل محل "فرنك المستعمرات الفرنسية" في أراضي المحيط الهادئ.

وعند الانتقال إلى "الفرنك الجديد" في 1960 ثم إلى "اليورو" في 2002، اختارت هذه الأقاليم الحفاظ على عملتها الخاصة، في قرار لم يكن اقتصاديًا فقط بل سياسيًا بالأساس، يهدف إلى الاحتفاظ بهامش من السيادة المحلية.

ورغم بعد المسافة، تُصك العملة في باريس قبل أن تُرسل إلى المحيط الهادئ، وهو ما يجعلها من العملات القليلة غير الموحدة في فضاء اليورو.

عملة مستقرة ولكن مقيدة

الفرنك الباسيفيكي مرتبط بسعر صرف ثابت باليورو: 1000 فرنك = 8.38 يورو، وهذا الربط يُلغي أي تقلب أو مضاربة بين العملتين. وتدير العملة "مؤسسة الإصدار لما وراء البحار (IEOM)"، ويُفترض أن تسهم في دعم التنمية المحلية واستقرار الأسعار. 

لكن فعليًا، تتماشى السياسة النقدية تمامًا مع سياسات البنك المركزي الأوروبي، مما يحدّ من القدرة على التكيّف مع خصوصيات الأقاليم المحلية.

في بولينيزيا الفرنسية، يدفع الفاعلون الاقتصاديون، خاصة في قطاع السياحة، نحو اعتماد اليورو، لما يوفّره من تسهيلات في المعاملات مع الزبائن الدوليين، أما في كاليدونيا الجديدة، فيُنظر إلى العملة المحلية كأداة سيادية، بل وكخطوة رمزية نحو الاستقلال.

الاستقلاليون يعتبرونها رمزًا للتمايز والسيادة، في حين يراها الموالون لفرنسا نظامًا نقديًا عتيقًا ينبغي التخلّص منه.

ومنذ عام 2005، تعتمد الدولة الفرنسية موقفًا ثابتًا: لا يمكن التحوّل إلى اليورو إلا بشكل جماعي يشمل الأقاليم الثلاثة.

وبحسب العقيدة التي وُضعت في عهد الرئيس السابق جاك شيراك، فإن أي قرار بتغيير العملة يجب أن يتم على المستوى الجماعي لتفادي أي اختلال في التوازن النقدي داخل المنطقة.

فالتحول الفردي لأحد الأقاليم نحو اليورو سيكون مكلفًا ومعقدًا إداريًا، وقد يؤدي إلى قطيعة اقتصادية، وحتى الآن، وحدها بولينيزيا الفرنسية وواليس وفوتونا أبدتا استعدادًا للتعامل باليورو، بينما تُبقي كاليدونيا الجديدة الباب مواربًا.

فرادة فرنسية تثير التساؤلات

تُعد فرنسا البلد الوحيد في منطقة اليورو الذي يعتمد نظام عملتين رسميتين: اليورو والفرنك الباسيفيكي، لكن هذه الخصوصية باتت محل تساؤل: فالبعض يراها عائقًا أمام الاندماج الأوروبي الكامل، في حين يعتبرها آخرون درعًا رمزيًا بوجه المركزية الفرنسية.

وفي ظل تصاعد الأزمة السياسية في كاليدونيا الجديدة، أصبحت العملة أكثر من مجرد وسيلة تبادل نقدي، بل باتت عنصرًا فاعلًا في معركة الهويات والمصير السياسي.

فالفرنك الباسيفيكي لم يعد مجرد عملة محلية، بل تحوّل إلى نقطة تماس بين الاقتصاد والسيادة، بين الذاكرة الاستعمارية والطموحات الاستقلالية. ومستقبله كما مستقبل كاليدونيا الجديدة ما زال معلقًا بين اعتبارات اقتصادية، ومؤسساتية، ومشاعر وطنية معقدة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC