كشفت مصادر عراقية لـ"إرم نيوز"، عن إجراءات احترازية وخطط طوارئ لمواجهة تداعيات قرار اتخذته شركات أجنبية بسحب موظفيها من الحقول النفطية في البلاد.
وحذر مختصون في الشأن الاقتصادي من تداعيات انسحاب عدد من الخبراء الأجانب من الحقول العراقية، بالتزامن مع تصاعد الحرب بين طهران وتل أبيب.
وكشفت تقارير عراقية مؤخرًا عن انسحاب عشرات من الخبراء والفنيين الأجانب العاملين في شركات التراخيص النفطية، بعد مغادرتهم حقول البصرة باتجاه الكويت، وسط تقديرات بوجود خطط طارئة لدى هذه الشركات لمغادرة المزيد من الموظفين إذا استمرت الحرب بين إيران وإسرائيل أو توسعت رقعتها في المنطقة.
وأثار هذا الانسحاب مخاوف من تأثير ذلك على الحقول العراقية، في ظل الاعتماد المفرط على الخبرات والكوادر الأجنبية لتشغيل المعدات المهمة وإدارة الأعمال الفنية المعقدة، وهو ما قد يعرض بعض الحقول لمشكلات تشغيلية وتأخير في إنجاز المشاريع المرتبطة بزيادة الإنتاج.
الخبير في الشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه، أوضح أن "انسحاب الخبراء الدوليين من الحقول النفطية بسبب التصعيد الإقليمي قد يهدد بخفض الإنتاج الحالي بنسبة تصل إلى 30%، لكنه في الوقت ذاته كشف حقائق هيكلية أبرزها التبعية المفرطة للخبرة الأجنبية، رغم قدرة الكوادر الوطنية على إدارة نحو 70% من الإنتاج القائم".
وأضاف عبد ربه لـ"إرم نيوز" أن "التهديد الأكبر لا يكمن في انسحاب الخبراء الأجانب بشكل مؤقت، بل في استمرار نموذج الاقتصاد الريعي الذي جعل العراق رهينةً لعوامل خارجية"، مؤكدًا أن "الأزمة الحالية قد تكون فرصة لإعادة بناء قطاع نفطي وطني وتنويع مصادر الدخل عبر خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى"، على حد قوله.
وتنشط شركات أجنبية مثل "إكسون موبيل"، و"بي بي"، و"شيفرون"، و"توتال إنرجيز"، و"سي إن بي سي" الصينية، في تشغيل أكبر الحقول العراقية ضمن جولات التراخيص، حيث تتركّز أعمال الخبراء والفنيين الأجانب في عمليات الاستخراج والإنتاج وصيانة الآبار والمنشآت السطحية.
ويقتصر وجود هذه الشركات في قطاع التكرير على أدوار استشارية محدودة خلال مراحل تطوير المصافي أو تشغيل بعض الوحدات التقنية المتخصصة.
وكشف مصدر مطلع في القطاع النفطي أن "عددًا من الشركات النفطية الأجنبية، وفي مقدمتها إكسون موبيل الأمريكية وشركة بريطانية عاملة ضمن جولات التراخيص، أبلغت موظفيها الأجانب بالاستعداد لمغادرة العراق في أي لحظة حال توسع دائرة الحرب أو حدوث طارئ أمني كبير".
وأضاف المصدر، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز" أن "بعض هذه الشركات فعلًا قامت بنقل مجموعات من الخبراء والفنيين إلى خارج العراق خلال الأيام الماضية كإجراء احترازي، مع إبقاء الحد الأدنى من الكوادر الأجنبية الضرورية للإشراف على الأعمال التشغيلية، بينما تتولى الكوادر العراقية تشغيل معظم وحدات الإنتاج ميدانيًا".
وأشار إلى أن "إدارة هذه الشركات وضعت جداول طوارئ لتسيير العمل عن بُعد، وأبرمت ترتيبات خاصة مع شركات أمنية محلية لضمان حماية المنشآت في حال انخفاض التواجد الأجنبي إلى أدنى مستوياته".
ويعد حقل الرميلة أكبر الحقول العراقية وأحد أضخم حقول النفط في العالم، وتشغّله شركة BP البريطانية بالشراكة مع شركة نفط البصرة، وينتج أكثر من 1.4 مليون برميل يوميًا، أي نحو ثلث الإنتاج الكلي للعراق.
كما يُعد حقل غرب القرنة (1)، الذي تديره إكسون موبيل الأمريكية، من الحقول العملاقة، بطاقة إنتاج تتجاوز 440 ألف برميل يوميًا، إلى جانب حقل الزبير الذي تديره ENI الإيطالية وينتج قرابة 475 ألف برميل يوميًا.
وتعمل في جنوب العراق أيضًا شركات آسيوية مثل CNPC الصينية في حقول الحلفاية وميسان والأحدب، إلى جانب شركة غازبروم الروسية في حقل بدرة بمحافظة واسط.
وضعت وزارة النفط خططًا طموحة مع هذه الشركات لرفع إنتاج البلاد إلى أكثر من 6 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2030، من خلال تطوير حقول جديدة، وحفر آبار إضافية.
غير أن هذه المشاريع أصبحت معرضة للتأثر في حال استمرار انسحاب الخبراء والفنيين الأجانب أو تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران، خاصة أن العراق يعتمد بشكل أساسي على فرق العمل الدولية في مراحل التصميم والتنفيذ والتشغيل لبعض الوحدات.