أعلن المصرف المركزي في ليبيا خطة لتقوية العملة المحلية، عقب تراجع سعر الدولار أمام الدينار، في حين طرح مختصون إشكالية كيفية امتصاص كتلة مالية ضخمة متواجدة في السوق السوداء.
ونقل محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي محمد عيسى، لخبراء بعثة صندوق النقد الدولي على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين المُنعقدة في العاصمة الأمريكية واشنطن، خطة البنك قصيرة الأجل التي تسعى لتقوية الدينار الليبي وتنظيم سوق الصرف الأجنبي، وتوفير السيولة والتوسع في المدفوعات الإلكترونية بجميع أنواعها.
غير أن الأرقام الرسمية التي تشير إلى تداول نحو 44 مليار دينار ليبي خارج النظام المصرفي؛ أي ما يزيد على 9 مليارات دولار أمريكي، تثير التساؤلات حول كيفية إقناع الليبيين بوضعها في البنك، إذ كانت 27 مليار دينار خلال عام 2017.
ويفضّل الليبيون وضع أموالهم في المنازل بدلا من إيداعها في المصارف، بعدما زعزعت الهشاشة الأمنية، ومخاوف عدم توفير السيولة النقدية، الثقة في بنوك الدولة.
وقال الخبير الاقتصادي الليبي صابر الوحش، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن "السلطات، بهدف إعادة الثقة إلى البنوك، تحتاج لإطلاق أدوات غير تقليدية بديلة عن سعر الفائدة، على غرار حسابات الاستثمار الخاصة بالصيرفة الإسلامية وغيرها من الأدوات التي تناسب ثقافة المواطن الليبي، حتى تحفزه على إيداع أمواله في المصرف".
ونبّه الخبير إلى حل تغيير العملة الليبية الذي يحمل تطبيقه صعوبة، وتوقيتا غير مواتٍ، فقد لجأت عدة دول بعد الثورات إلى تغيير العملة، لافتا إلى كتلة ضخمة من أموال الدولة يتم تداولها في الحدود مع دول الجوار مثل تونس.
وتكشف دراسة، أعدتها منظمة "ذي سنتري" الأمريكية غير الحكومية، مخاطر اعتماد الاقتصاد الليبي على السوق السوداء في المناطق الشرقية والغربية من البلاد.
وأكدت أنه ما لم يتم إحراز تقدم على صعيد توحيد المركزي، خصوصا نظام مقاصة رقمي موحد، فإن السوق السوداء الليبية ستستمر في لعب دور لا غنى عنه في الاقتصاد الليبي، ما يعرقل الجهود الرامية لمكافحة غسيل الأموال.
وخلصت الدراسة إلى أنه في ظل عدم وجود حكم رسمي أو سيطرة للدولة الليبية، ظهرت السوق السوداء لتصبح منصة منتشرة يمكن للمشاركين من خلالها تحويل كميات كبيرة من الدينار الليبي إلى دولارات.
وقالت: "بهذه الطريقة يمكن تداول كميات كبيرة من العملات المادية بأمان ومن دون ترك أي أثر ورقي".
بدوره، يؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي الليبية، عطية الفيتوري، أن أقصى ما يمكن القيام به هو وصول الدولار إلى 4.5 دينار، شرط إذا رفع مصرف ليبيا المركزي قيمة الدينار مقابل وحدة حقوق السحب الخاصة، وهي عملة صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن قيمة الدينار في عام 2021 خفضت بنسبة 70 %، مقابل وحدة حقوق السحب الخاصة وهي مكونة من 5 عملات.
وشرح موضحا: "ارتفاع قيمة العملة يزيد بارتفاع قيمة وحدة السحب، وتنخفض بانخفاضها، بما يعني أن الانخفاض الذي يحدث في السعر الرسمي ينعكس بسبب انخفاض وحدة حقوق السحب الخاصة مقابل الدولار.