أثارت دراسة جديدة جدلًا واسعًا في فرنسا بعد أن انعكست التكلفة الاقتصادية للهجرة بشكل ملحوظ على الناتج الإجمالي للبلاد.
وفي مذكرة حاسمة، قدر "مرصد الهجرة والديموغرافيا"، التكلفة الاقتصادية للهجرة في فرنسا بما يعادل 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا، بحسب صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية.
ويرى جان-بول بيتبيز، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي سابق، شغل منصب كبير الاقتصاديين في بنك Crédit Agricole، أن الحديث عن كلفة الهجرة بمعزل عن مكاسبها المحتملة هو نقاش منقوص
وأضاف بيتبيز لـ"إرم نيوز": "صحيح أن بعض أنماط الهجرة تكلف الاقتصاد على المدى القصير، لكن إذا وُضعت سياسات اندماج فعالة، وتحفيز على العمل والتدريب، فإن هذه الفئات يمكن أن تصبح قوة دافعة لسوق العمل الفرنسي، خصوصًا في قطاعات تعاني من نقص حاد في اليد العاملة".
وأوضح: "التحدي ليس في وجود المهاجرين بل في كيفية إدماجهم واستثمار مهاراتهم. بلدان مثل ألمانيا وكندا أثبتت أن الهجرة المنظمة يمكن أن تكون رافعة للنمو وليس عبئًا على المالية العامة".
وفي حوار مع JDNews، يشرح المدير العام للمرصد، نيكولا بوفرو-مونتي، الأسباب الكامنة خلف هذا الاستنتاج المثير.
وقال بوفرو-مونتي: "ما جدوى الهجرة الاقتصادية إذا كانت الوظائف في القطاعات التي تعاني من نقص في اليد العاملة لا تزال شاغرة، في الوقت الذي من المتوقع أن يبلغ فيه معدل البطالة في فرنسا 7.6% بنهاية العام؟".
وتساءل: "كيف نفسر أن هناك قطاعات تعاني من نقص حاد في العمالة بينما هناك عدد كبير من الفرنسيين بدون عمل؟ بل، هل يمكن أن تكون الهجرة الاقتصادية سببًا في تفاقم هذه الاختلالات بدلًا من حلّها؟".
يشرح بوفرو-مونتي أن فرنسا تسجل واحدًا من أدنى معدلات تشغيل المهاجرين في أوروبا، مضيفًا: "في فرنسا، نسبة توظيف المهاجرين أقل بكثير من معظم الدول الأوروبية الأخرى. نحن ثاني أدنى دولة في هذا المؤشر، بعد بلجيكا فقط."
ففي عام 2023، كان 62.4% فقط من المهاجرين في سنّ العمل يشغلون وظائف، مقابل 69.5% من السكان الأصليين.
بالمقارنة، يبلغ متوسط التوظيف بين المهاجرين في الاتحاد الأوروبي 67.5%، وترتفع هذه النسبة إلى 71.8% في بعض الدول المتقدمة في أمريكا الشمالية وأوقيانوسيا واليابان.
ويشير بوفرو-مونتي إلى أن "الاندماج الاقتصادي يختلف كثيرًا حسب خلفية المهاجرين".
وتابع: "إذا قارنا بين أحفاد المهاجرين من جنوب شرق آسيا وأحفاد المهاجرين من الجزائر، نلاحظ أن الفئة الأولى تتفوق بشكل ملحوظ في التحصيل العلمي، في حين تستمر الفئة الثانية في الأداء الضعيف".
ويعزو جزءًا من هذه الفجوة إلى بنية الهجرة في فرنسا التي تعتمد بشكل كبير على الهجرة العائلية، وهو ما يجعل الاندماج المهني أكثر تعقيدًا.
ويشرح: "عندما لا تكون الهجرة بدافع مهني بالأساس، يصبح من الصعب جدًا على المهاجر إيجاد عمل بمجرد وصوله".