قالت مصادر سياسية عربية لـ"إرم نيوز"، إن تكلفة إعادة إعمار سوريا، بدءًا من ما هدمه النظام السوري السابق خلال عهد بشار الأسد، إضاف إلى ما دمره القصف الإسرائيلي، أخيرًا، لن تقل عن 500 مليار دولار أمريكي.
وأكدت أهمية وعود "إدارة العمليات العسكرية" في دمشق بإثبات حسن النوايا، لكن إفلاس الدولة وبيع مصادر ثرواتها في عهد النظام السابق، فضلًا عن وطأة العقوبات الأمريكية والدولية، مع فراغ الخزينة وفقدان الليرة قيمتها، تجعل الوعود مجرد "مسكّنات" خاضعة لاختبار الفعالية.
وأشارت المصادر إلى أن محرّكات المشهد السوري الخاضع الآن للمتابعة والتقييم، تتوزع على طيف من الاعتبارات بعضها داخلي والآخر خارجي، داعية إلى أهمية الأخذ بالاعتبار حاجة سوريا إلى مساعدة من العالم الخارجي.
وبيّنت أن أمريكا تقوم حاليًا بمراجعة موضوع العقوبات المفروضة على هيئة تحرير الشام"، مشيرة إلى أن سوريا خضعت لعقوبات أمريكية تفاقمت لتصبح واحدة من أشد القيود المالية صرامة في العالم على خلفية تصرفات نظام الأسد مع المحتجين في العام 2011.
ولفتت المصادر إلى أن الحكومة الانتقالية، التي يرأسها المهندس محمد البشير، الذي أعطى وعدًا برفع رواتب موظفي الدولة ثلاثة أضعاف، ستجد نفسها سريعًا مضطرة لاعطاء أولوية في الفترة الانتقالية لإعادة الإعمار، التي ستكون مشروعًا هائلًا ستعول فيه دمشق الجديدة على جذب تمويلات دولية.
وأضافت أنه بينما يُنتظر توفر شرط الاستقرار السياسي لجذب الدعم المالي الدولي، يتعين على الحكومة الانتقالية الجديدة أن تركز على جّملة من الملفات المحلية.
وأوضحت المصادر أنه في مقدمة تلك الملفات، تحسين الأحوال المعيشية المتردية، وخفض كلفتها ومعدل التضخم، ووقف قفزات الأسعار وتهاوي الليرة السورية وتفشي الفساد، إضافة إلى البحث عن مصادر جديدة للنفط والمحروقات لتكون بديلة عن البترول الإيراني، الذي كانت الدولة تتلقاه حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وأكدت أهمية التحضير للعمل على استعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، مرجحة أن تتعرض الحكومة الانتقالية لهذا الملف في تصريحاتها التطمينية، ولاسيما أن التقديرات الأمريكية تُشير إلى أن ثروة بشار الأسد وحده تبلغ نحو ملياري دولار.
وتحدثت المصادر عن ما وصفته بـ"أثقل مؤشرات اليأس في المشهد المعيشي السوري"، وهو وضع الليرة، إذ إن أرقام تراجعها اليومي أمام الدولار خلال الأيام التي أعقبت سقوط نظام الأسد، تتفاوت من مدينة سورية لأخرى.
وسجلت الليرة منتصف الأسبوع الحالي أقل سعر لها في التاريخ عندما وصلت مستويات 22 ألف ليرة مقابل الدولار، مقارنة بالسعر الرسمي في مصرف سوريا المركزي عند 13.7 ألف ليرة، وسعر 6 آلاف ليرة للدولار في نهاية العام 2022.
من جهته، قال رئيس غرفة صناعة دمشق غزوان الحلبي، إن الارتفاع في سعر الدولار "وهمي"، نتيجة للسوق السوداء، ولا مبرر لرفع الأسعار.
وتشير آخر أرقام صادرة عن البنك الدولي إلى أن 84% من السوريين تحت خط الفقر، ونحو 13 مليون سوري يعانون من نقص حاد في الغذاء، في حين تزيد معدلات البطالة عن 60%.
في حين تُعطي أحدث أرقام صندوق النقد الدولي، "صورة يائسة" يصعب معالجتها بالتطمينات والنوايا الحسنة، إذ إنها تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لسوريا انكمش بأكثر من 85% منذُ العام 2011 إلى العام 2023، لينخفض عام 2024 إلى 9 مليارات دولار فقط.
وأكدت المصادر أن ما تطرحه الإدارة الجديدة من تطمينات في النهج والرؤية لإدارة الدولة، هو أمر يُحقق نتائج إيجابية تتعلق بالمزاج العام، لكن الفاتورة المستحقة أثقل من أن تعالجها النوايا الحسنة؛ ما يجعل فترة الأشهر الثلاثة المخصصة لعمر الحكومة الانتقالية مثقلة بالهواجس والاختبارات التجريبية، التي تتجاوز قدراتها الذاتية.