logo
أمريكا الجنوبية
فيديو

أرضاً وجواً.. واشنطن تزرع عيونها في أمريكا الجنوبية بقواعد عسكرية وميناء فضائي

13 مايو 2025، 8:46 ص

في الوقت الذي تنشغل فيه القوى العالمية بمناطق التوتر الكبرى من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، تتحرك الولايات المتحدة بصمت، ولكن بثبات، على رقعة بعيدة عن العناوين الساخنة؛ أمريكا الجنوبية.

مشروعان استراتيجيان تم الإعلان عنهما في أقل من عامين في كل من الإكوادور وبيرو، يعيدان طرح سؤال بالغ الأهمية، هل نشهد عودة أمريكية قوية إلى "حديقتها الخلفية"؟، ولكن هذه المرة بوسائل أكثر تطورا وأهداف أكثر عمقا؟

في هذه الحلقة من "في العمق"، نتوقف عند أبعاد هذا التوسع، ونسأل: هل تتحول أمريكا الجنوبية إلى عين مراقبة أمريكية ضخمة؟ وهل يمكن أن تصبح منصة انطلاق لحروب قادمة في مناطق أخرى من العالم؟

غالاباغوس... من محمية طبيعية إلى قاعدة أمنية

في غضون عامين، أجبرت أمريكا السلطات في الإكوادور على تعديل دستورها، الذي يحظر إنشاء قواعد عسكرية أجنبية في البلاد، وعليه، وقعت السلطات اتفاقا مع الولايات المتحدة تحت عنوان "مشروع الأمن المتكامل في المنطقة الجزرية"؛ ما سمح بضم جزر غالاباغوس المعروفة بتنوعها البيئي إلى المنظومة الأمنية الأمريكية، في خطوة تم الترويج لها على أنها تهدف لحماية الأمن البيئي ومكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات، إلا أن الواقع يشير إلى ما هو أوسع من ذلك كثيرا.

بعد أشهر من التوقيع، ثبتت أمريكا رادارات بحرية متطورة ومحطات مراقبة إلكترونية من نوع (SIGINT) قادرة على اعتراض الاتصالات وتتبع تحركات السفن في الجزيرة، بما في ذلك الغواصات؛ ما عزز قدرتها على تتبع أي نشاط بحري صيني أو روسي في المنطقة، قبل أن يُعاد تصميم مدرج للطيران في القاعدة، ليصبح قادرا على استقبال طائرات تجسس طويلة المدى وطائرات مسيرة من طراز MQ-9 Reaper، تُستخدم في المراقبة البحرية وجمع البيانات الاستخباراتية.

لا تحتاج صورة تموضع الجزر على الخريطة لكثير من الشرح، ويمكن لها ببساطة أن تُخبرنا كيف تضع الجزيرة كلا من الإكوادور، كولومبيا والبيرو، ومن خلفها البرازيل وفنزويلا، نصب أعينها، عبر نقطة ارتكاز في عمق نصف الكرة الجنوبي، تُضاف إلى شبكة المراقبة الأمريكية العالمية.

ميناء فضائي في البيرو 

كعادتها في خلق الحجج لخدمة مصالحها، أنشأت أمريكا في البيرو أكبر ميناء فضائي لها قبل عامين، وذلك في قاعدة "إل باتو" الجوية، في خطوة أطرتها واشنطن ضمن عنوان التعاون الاستراتيجي لتعزيز القدرات الفضائية في أمريكا اللاتينية، لكنها ووفق مراقبين، زرعت عينا تجسسية لها هناك.

الموقع المختار لبناء الميناء الفضائي وهو قاعدة "إل باتو" الجوية البيروفية، بالقرب من مدينة تالارا، في مقاطعة بيورا، هو مشروع يُعتبر الأكبر من نوعه في أمريكا اللاتينية، من حيث التعاون مع أمريكا، يهدف وفق نية واشنطن المعلنة إلى تعزيز القدرات الفضائية لبيرو، مع إشراف أمريكي كامل، حيث تقع القاعدة على بعد حوالي 4.5 كم شمال غرب مطار تالارا الدولي، وتُعتبر موقعا مثاليا لإطلاق المركبات الفضائية نظرا لقربها من خط الاستواء؛ ما يوفر مزايا فيزيائية لتقليل استهلاك الوقود أثناء الإطلاقات الفضائية. 

بعد أشهر من توقيع المعاهدة، أشرفت أمريكا على تحضير الميناء بشكل كامل من خلال منصات إطلاق وهبوط المركبات ومراكز التحكم، والأهم بأنها حصلت على امتياز لتشغيل الميناء لمدة 20 عاما، مع إمكانية التجديد، وقُدر الاستثمار الأولي بمليار سول، أي ما يعادل حوالي 260 مليون دولار أمريكي. 

ولبناء الميناء، وُقعت مذكرة تفاهم مع وكالة ناسا، التي ستشرف على البناء والتشغيل اللاحق والكلي للميناء قبل أقل من عام، قبل أن تتكشف بعد فترة وجيزة حقائق حول أن المستثمر والمشغل الرئيس للمشروع هو الملياردير إيلون ماسك، من خلال شركتي سبيس إكس وستارلينك. 

تاريخ تجسسي قديم جديد بأمريكا اللاتينية

وعلى الرغم من أن المشروعين الأخيرين استراتيجيين، وجاءا تزامنا مع احتدام الصراع العالمي، إلا أن عيون واشنطن التجسسية في أمريكا اللاتينية حاضرة منذ سنوات. 

وتحت حجة مكافحة المخدرات فقط، تنشر أمريكا قواعد عسكرية لها في بلدان عدة، منها قاعدة سوتو كانو الجوية في هندوراس التي تُعد مركزا رئيسا للعمليات العسكرية الأمريكية في أمريكا الوسطى وقاعدة غوانتانامو البحرية في كوبا والتي لا تزال تمارس نشاطها هناك منذ عام 1903، وصولا إلى مركز البحوث الطبية البحرية التي تديره في ليما بالبيرو أيضا، ومرورا بالمكسيك عبر مبادرة ميريدا التي أطلقتها عام 2007 تحت ذات الحجة "مكافحة المخدرات"، قبل أن تحولها لمبادرة جمع معلومات استخباراتية عن الحكومات المحلية. 

أمثلة تعكس الأهمية الاستراتيجية للمنطقة بالنسبة للولايات المتحدة، وهي بالمثل بالنسبة للصين، التي لم تدخر جهدا في زرع أعين لها في القارة اللاتينية، التي قد يغدو الصراع فيها قريبا أكثر وضوحا بين القوى العظمى.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC