نجم الإفريقي الذي هزم الألمان.. من هو التونسي أحمد الجوادي بطل العالم للسباحة؟

"عدد الميداليات الذهبية لتونس في السباحة أكبر بكثير من عدد المسابح في البلاد"، كان ذلك التعليق الظريف الذي راج على منصات التواصل عقب تتويج السباح التونسي أحمد الجوادي ببطولة العالم في سباق 800 متر عفويا، لكنه يعكس في الحقيقة واقعا صعبا وتحديا مذهلا لرياضة السباحة في تونس.

وفي بلد يكاد يولي كل اهتمامه للرياضات الجماعية وكرة القدم على وجه الخصوص، صنع السباحون التونسيون تاريخا مجيدا ولافتا لتلك الرياضة التي لا تزال كغيرها من الاختصاصات الفردية تعاني اللامبالاة وقلة الاهتمام والدعم من السلطات والمدعمين على حد السواء.

وأحرز التونسي أحمد الجوادي ذهبية سباق 800 متر في منافسات السباحة بمونديال الألعاب المائية في سنغافورة اليوم الأربعاء ليضيف إنجازا جديدا للسباحة ويقتفي أثر مواطنيه أسامة الملولي وأيوب الحفناوي، البطلين العالميين والأولمبيين.

مشروع أولمبي قادم في 2028

قطع الجوادي السباق في زمن قدره 7:36.88 دقائق وهو ثالث أفضل توقيت في تاريخ السباق، فيما كان مواطنه الملولي صاحب ثاني أفضل توقيت في السباق ذاته.

وحقق السباح البالغ من العمر 20 عاما، والذي حل رابعا في أولمبياد باريس الصيف الماضي، أول لقب عالمي في مسيرته الاحترافية، بعد أن تفوق على الألمانيين سفين شفارتس صاحب الفضية بزمن 7:39.96 دقائق، ولوكاس مايرتنز الذي نال البرونزية بزمن 7:40.19 دقائق.

وقال الجوادي:"لم أفكر في الإستراتيجية، كنت أحاول فقط السيطرة على السباق ورؤية ما سيحدث، في مرحلة ما، لاحظت أن الإيقاع ليس سريعا، فقررت أن أتحرك".

وحلّ الأميركي بوبي فينكي، بطل الأولمبياد في سباق 1500 متر، رابعا بزمن 7:46.42 دقائق.

وأهدى الجوادي فوزه إلى مواطنه أيوب الحفناوي، بطل الأولمبياد والعالم السابق الذي أُوقف لمدة 21 شهرا في أبريل الماضي بسبب إخفاقه 3 مرات في الكشف عن مكان وجوده في اختبارات الكشف عن المنشطات.

وقال الجوادي: "هذه المرة للحفناوي، إنه يمر بأوقات عصيبة الآن".

وبعد أن تجرع التونسيون خيبة غياب أي سباح عن منصة التتويج في أولمبياد باريس، والتي أعقبها إيقاف أيوب الحفناوي، جاء إنجاز الجوادي لا فقط ليعيد الثقة إلى السباحة في تونس وإنما ليشكل بداية جديدة لصناعة بطل أولمبي ثالث بعد 3 سنوات في لوس أنجلوس.

وسيكون الجوادي قد بلغ من العمر 23 عاما، في مشاركته المرتقبة في أولمبياد لوس أنجلوس 2028، وهو المحطة التي يتطلع فيها إلى النسج على منوال أساطير السباحة بالجمع بين التتويج العالمي والذهب الأولمبي.

من تونس إلى سنغافورة عبر فرنسا

ولا يعرف الكثير من الجماهير أحمد الجوادي كونه سباحا واعدا ومشروعا لبطل حقيقي، فقد خطف أسامة الملولي بين 2005 و2016 الأضواء، ثم جاء دور أيوب الحفناوي الذي أحرز في أولمبياد 2021 في طوكيو ذهبية 400 متر سباحة حرة.

وقبل إنجازه في بطولة العالم بسنغافورة، كان أحمد الجوادي طفلا يافعا يتدرب ويدرس في تونس، قبل أن يقرر استكمال مشواره الرياضي في فرنسا بالانضمام إلى نادي غرونوبل آلب 38 عاما 2021 بعمر 16 عاما.

وفي تلك الأثناء، خاض السباح الواعد أول سباقاته في البطولة العربية في أبو ظبي وتوج بالميدالية الذهبية.

  وفي 2023 انضم إلى نادي مارتيغ الفرنسي، وواصل التدرب واللعب في فرنسا حيث أحرز لقب بطولة فرنسا للسباحة محطما عدة أرقام قياسية.

وفي 29 ديسمبر 2024، أعلن النادي الإفريقي التونسي انضمام السباح الواعد إلى صفوفه ليشارك بعد ذلك في عديد المنافسات الإقليمية والدولية ويحقق أرقاما لافتة.

لم يكن التوقيع مع النادي الإفريقي الحدث الأبرز في مسيرة الجوادي بقدرما كان حركة رمزية تمثل دعما من الفريق لرياضيي الألعاب الفردية في تونس، مثلما فعل الترجي التونسي مع أسامة الملولي وأيوب الحفناوي، ولكن الجوادي نفسه اعتبر انضمامه للإفريقي فريق القلب لحظة هامة في مشواره.

وعلق الجوادي آنذاك قائلا: "الانضمام إلى النادي الإفريقي شرفٌ كبير، أنا ممتنٌّ لهذه الفرصة التي أتيحت لي للمساهمة في نموّ السباحة التونسية وتحقيق إنجازات جديدة".

وحقق أحمد الجوادي، المولود في 30 مايو 2005، صعودًا مذهلاً في 2024 و2025، فبعد تتويجه بطلاً لإفريقيا عام 2019 ثم 2022 (400 متر)، أكد مكانته كقائد من خلال الفوز بالبطولة العربية في 2022 في سباقات 400 متر و800 متر و1500 متر.

وفي غياب الحفناوي، بطل أولمبياد 2021، شارك أحمد الجوادي في دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، حيث حصل على المركز الرابع في سباق 800 متر حرة، وكان على بعد خطوة واحدة من منصة التتويج.

وبعد أقل من 5 أشهر، وفي ديسمبر 2024، سطع نجمه في بطولة العالم للسباحة في الأحواض الصغيرة في بودابست، وفي نهائي مثير لسباق 1500 متر حرة، فاز الجوادي بالميدالية الذهبية بزمن مذهل قدره 14:16.40، متغلبًا على الألماني فلوريان ويلبروك والتركي كوزي تونسيلي.

وحصدت رياضة السباحة في تونس إنجازات وميداليات عالمية وأولمبية أكثر من أي رياضة أخرى بما فيها الفردية والجماعية، وذلك بفضل 3 ذهبيات لكل من أسامة الملولي (2008 و2012) وأيوب الحفناوي (2021) و5 بطولات للعالم لكل من الملولي والحفناوي والجوادي.