في الدوحة، وعلى ملاعب كأس العرب 2025، لا يستعد الجمهور لمجرد متابعة مباراة نهائية بين "أسود الأطلس" و"النشامى"، بل نحن بصدد استدعاء لفصل نادر جدًا من كتاب التاريخ الكروي العربي.
نهائي المغرب والأردن هو المواجهة الرابعة فقط في تاريخ البطولة التي تضع وجهاً لوجه "عرب إفريقيا" ضد "عرب آسيا" في مباراة حسم اللقب.
على مدار 10 نسخ سابقة، كانت الكؤوس غالباً ما تظل داخل القارة الواحدة، لكن حينما تقرر القرعة والنتائج أن يكون النهائي "عابراً للقارات"، فإن الإثارة تكون مضمونة، والتاريخ يقول كلمته: الكفة تميل لإفريقيا، فهل تتغير المعادلة في 2025؟
البداية كانت في النسخة الأولى ببيروت. وقتها لم يكن هناك "نهائي" بالشكل الحديث، بل نظام دوري، لكن الصدفة جعلت الجولة الثانية بمرتبة نهائي مبكر بين تونس (ممثل إفريقيا) وسوريا (ممثل آسيا).
في تلك المباراة، قدم "نسور قرطاج" أوراق اعتماد الكرة الإفريقية. هدف واحد كان كافياً لحسم الأمور، سجله النجم الشاب وقتها رؤوف بن عمر في الدقيقة 20.
هذا الهدف لم يمنح تونس الفوز بالمباراة فحسب، بل مهّد طريقهم لأول لقب عربي في التاريخ، ليعلنوا عن التفوق الإفريقي المبكر.
لم تنتظر آسيا طويلاً، في النسخة الثانية بالكويت، تكرر السيناريو بنظام الدوري، وانحصر اللقب في الجولة الأخيرة بين العراق (آسيا) وليبيا (إفريقيا).
المباراة كانت "عركة كروية" بالمعنى الحرفي. المنتخب العراقي دخل المباراة بفرصتي الفوز أو التعادل لحسم اللقب، فيما كانت ليبيا بحاجة للفوز ولا شيء غيره. تقدم "هشام عطا" لأسود الرافدين، ورد الأسطورة الليبية "أحمد بن صويد" بهدف التعادل.
انتهت المعركة 1-1، وهي النتيجة التي أعلنت تتويج العراق بطلاً للعرب لأول مرة، مسجلاً الانتصار الوحيد لعرب آسيا في "مواجهات الحسم" القارية هذه.
غابت المواجهات القارية في النهائيات لسنوات طويلة، حتى عادت وبقوة في نسخة 1992 بسوريا. هذه المرة كان نهائياً حقيقياً (خروج المغلوب) جمع بين "الفراعنة" و"الأخضر السعودي".
يعد كثيرون هذه المباراة هي الأجمل في تاريخ كأس العرب. تقدمت مصر بضربة جزاء لسامي الشيشيني، تعادل عبد الرحمن الرومي للسعودية، تقدم "الكاس" لمصر، ليرد "سعيد العويران" بهدف مارادوني.
وبينما كانت المباراة تلفظ أنفاسها وتتجه للأشواط الإضافية، ظهر الهداف التاريخي حسام حسن في الدقيقة 85، ليخطف هدفاً قاتلاً منح مصر اللقب، وأعاد الزعامة لعرب إفريقيا بنتيجة (2-1) في ميزان المواجهات المباشرة.
اليوم، وبعد أكثر من 30 عاماً على موقعة حلب، يتجدد الصراع.
المغرب، بكتيبته المدججة بالنجوم، يدخل المباراة وعينه على استمرار الهيمنة الإفريقية (بعد لقبي المغرب 2012 والجزائر 2021). التاريخ يقف في صفهم، والأرقام تنحاز لهم.
على الجانب الآخر، يدخل منتخب الأردن المباراة بروح قتالية لا تعرف المستحيل. النشامى لا يلعبون فقط من أجل أول لقب في تاريخهم، بل يحملون على عاتقهم مهمة "آسيوية" ثقيلة: تعديل الكفة التاريخية لتصبح (2-2) وكسر عقدة التفوق الشمال إفريقي.
هل يفعلها الأردن ويكتب تاريخاً جديداً؟ أم أن "رأسية" ابن عمر و"قذيفة" حسام حسن ستجد من يكمل مسيرتها في الدوحة؟ 90 دقيقة فقط تفصلنا عن الحقيقة.