يُخيّم القلق على جماهير النادي الأهلي السعودي مع بداية اللاعب البرازيلي الجديد غالينو، الذي انضم إلى صفوف الفريق في فترة الانتقالات الشتوية في يناير.
بعد مرور 3 مباريات فقط، لم يتمكن اللاعب من تقديم الأداء المنتظر منه، بل ظهر بمستويات باهتة، أثارت علامات الاستفهام حول مدى جدوى هذه الصفقة، فلم يسجل أو يصنع أي هدف في المباريات الثلاث، كما ظهر بمستوى دفاعي متواضع في بعض المواجهات، خصوصا أمام النصر، بل وأضاع فرصة تسجيل محققة في المباراة نفسها؛ ما دفع البعض إلى وصف بدايته بـ "المخيبة".
ولكن، هل هذه البداية كافية للحكم على اللاعب بشكل نهائي؟ وهل هناك أسباب تدعو جماهير الراقي إلى التحلي بالصبر ومنح غالينو المزيد من الوقت؟
1- مركز الجناح الأيسر.. معضلة أزلية في الأهلي
أحد أهم الأسباب التي تدعو إلى الصبر على غالينو هو المركز الذي يشغله، وهو مركز الجناح الأيسر الذي لطالما كان نقطة ضعف ومعضلة مزمنة في تشكيلة الأهلي مؤخرا، فالفريق عانى طويلا من عدم الاستقرار في هذا المركز، وتناوب عليه العديد من اللاعبين دون الوصول إلى حل جذري.
بالنظر إلى هذه الخلفية، فإن الصبر على لاعب جديد، حتى لو لم يقدم أداء مثاليا في البداية، لا يُعد أمرا كارثيا، فالفريق اعتاد على هذا الوضع، وبعض المباريات الإضافية ذات الأداء المتذبذب لن تحدث فرقا كبيرا في المدى القصير، الأهم هو منح اللاعب الوقت الكافي للتأقلم والتطور في هذا المركز الذي يحتاج إلى حل طويل الأمد.
2- لاعب شاب في بداية المشوار
غالينو ليس لاعبا متمرسا بلغ قمة عطائه الكروي، بل هو لاعب شاب في بداية مسيرته الاحترافية، فهو لا يزال في مقتبل العمر، ويحتاج إلى الوقت والخبرة لتطوير مستواه وصقل مهاراته، اللاعب الشاب يمر بتقلبات في الأداء، وهذا أمر طبيعي في هذه المرحلة من مسيرته، لذلك، الحكم عليه من خلال ثلاث مباريات فقط يعتبر حكما قاسيا وغير منصف، يجب منحه الفرصة كاملة لإظهار إمكانياته الكامنة، والتطور تدريجيا مع مرور الوقت والاحتكاك بالدوري السعودي.
3- تجربة أولى خارج البيئة البرتغالية
عامل آخر مهم يجب أخذه في الاعتبار هو أن غالينو قضى كامل مسيرته الكروية حتى الآن في فرق تتحدث باللغة البرتغالية، فقد لعب في أندية برازيلية وبرتغالية، وهي بيئة ثقافية ولغوية متقاربة.
الانتقال إلى الدوري السعودي يمثل تجربة جديدة كليا بالنسبة إليه؛ إذ البيئة الثقافية واللغة والعادات مختلفة تماما، هذا الانتقال يتطلب فترة تأقلم ليست قصيرة، سواء على المستوى الشخصي أو المهني. اللاعب يحتاج إلى وقت لفهم طريقة اللعب في الدوري السعودي، والتكيف مع الحياة في السعودية، وهذا بالتأكيد سيؤثر على أدائه في الملعب في بداية مشواره.
4- فجوة لغوية في الفريق
يزيد من صعوبة تأقلم غالينو في الأهلي، حقيقة أن الفريق لا يضم عددا كبيرا من اللاعبين أو المدربين الذين يتحدثون اللغة البرتغالية. فباستثناء اللاعب البرازيلي فابينيو والمدافع إيبانيز ولاعب الوسط ألكساندر المصاب حاليا والمستبعد من القائمة المحلية فيرمينو، لا يوجد تقريبا من يتحدث البرتغالية في محيط الفريق الأول، هذا الحاجز اللغوي قد يعيق عملية التواصل والتفاهم بين غالينو وزملائه والجهاز الفني، ويؤخر من عملية اندماجه في الفريق، فالتواصل الجيد هو مفتاح النجاح في أي فريق كرة قدم، وفي غياب هذا التواصل السلس، يصبح من الصعب على اللاعب الجديد إظهار أفضل ما لديه في وقت قصير.
5- مباريات صعبة في بداية المشوار
أخيرا، يجب التذكير بأن المباريات الثلاث التي خاضها غالينو مع الأهلي كانت أمام فرق قوية ومنافسة، فإحدى المباريات كانت أمام بطل دوري نجوم قطر السد في دوري أبطال آسيا للنخبة، وهي مباراة ذات مستوى عالٍ، والمباراة الأخرى كانت أمام النصر، وهو أحد أقوى الفرق في الدوري السعودي ويضم نخبة من النجوم العالميين، والثالثة كانت ضد الفتح الذي شكل تحديا كبيرا للأهلي في السنوات الماضية، اللعب أمام فرق كهذه في بداية المشوار يعتبر اختبارا صعبا لأي لاعب جديد، فما بالك بلاعب شاب ينتقل إلى بيئة جديدة وفريق جديد، ثلاث مباريات، من بينها مباراتان أمام فرق قوية، ليست مقياسا كافيا للحكم على مستوى اللاعب بشكل عام.
الصبر مفتاح النجاح
ختاما، يمكن القول إن بداية غالينو مع الأهلي لم تكن مثالية، ولكنها ليست كارثية أيضا. هناك العديد من الأسباب التي تدعو جماهير "الراقي" إلى التحلي بالصبر ومنح اللاعب المزيد من الوقت والفرص.
المركز الذي يشغله اللاعب كان يعاني من مشاكل مزمنة، واللاعب شاب يحتاج للتطور، ويواجه تحديات التأقلم مع بيئة جديدة وفريق جديد. الحكم عليه بعد ثلاث مباريات فقط، من بينها مواجهتان قويتان، يعتبر حكما متسرعا وغير منصف، الصبر والمساندة هما المفتاح لنجاح غالينو مع الأهلي مثلما أكد المدرب يايسله في مؤتمره الأخير؛ وهو ما يؤكد أن الرجل يرى منه ما يسره في التدريبات ولا بد أن هذا سيظهر في المباريات في وقت ما.