بينما ينشغل العالم اليوم بتمجيد الإعصار إيرلينغ هالاند، نجم مانشستر سيتي، وهو يلتهم الأرقام القياسية واحدًا تلو الآخر، وآخرها كسره لرقم أهداف الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو التاريخي في الدوري الإنجليزي، هناك جانب خفي من الحكاية لم يُسلط عليه الضوء؛ جانب يكشف لماذا يظل الدون في كفة، وباقي المهاجمين في كفة أخرى.
نعم، هالاند تفوق تهديفيًّا في وقت قياسي، لكنه وقف عاجزاً أمام أرقام أخرى تُعبر عن جوهر كرة القدم الحقيقي: الشمولية وتكامل الأدوار.
فجوة الصناعة.. 37 مقابل 20
رغم المعدل التهديفي المرعب لهالاند، إلا أن أرقام "الأسيست" تروي قصة مختلفة تمامًا، الفارق بين 37 تمريرة حاسمة صنعها رونالدو في البريميرليغ، وبين 20 فقط لهالاند، ليس مجرد إحصائية عابرة، بل هو الدليل القاطع على أن رونالدو لم يكن مجرد ماكينة أهداف تنتظر الكرة داخل الصندوق، بل كان محركًا للفريق بأكمله.
هذه الفجوة الرقمية تؤكد أن النجم البرتغالي كان يمتلك بُعدًا إضافيًّا في شخصيته الكروية يفتقده هالاند، وهو القدرة على أن يكون صانع اللعب وهداف الفريق في آنٍ واحد.
بين الجناح المهاري ورأس الحربة الصريح
المقارنة الرقمية وحدها قد تظلم رونالدو إذا لم نضع في الحسبان اختلاف المراكز، فرونالدو بدأ مسيرته وتوهج كجناح يصول ويجول على الأطراف، مطالبًا باستلام الكرة من منتصف الملعب، والمراوغة، وخلق الفرص لنفسه ولزملائه بمهارة فردية بحتة.
في المقابل، يُعد هالاند التعريف الكلاسيكي لرأس الحربة الصريح الذي تتلخص وظيفته الرئيسية في التواجد في المكان والوقت المناسبين لإنهاء الهجمة بلمسة واحدة، فهو المُنهي البارع للهجمات، بينما كان رونالدو هو المُنشئ والمُنهي معًا.
منظومة السيتي الكاسحة
ولا يمكننا إغفال السياق الذي يلعب فيه الثنائي، فهالاند يعيش في جنة كروية صممها بيب غوارديولا لخدمة المهاجم الأخير، منظومة مانشستر سيتي الكاسحة التي لا تكتفي بهدف أو اثنين، بل تبحث دائمًا عن الثالث وحتى السادس؛ ما يوفر لهالاند سيلاً لا ينقطع من الفرص السهلة أمام المرمى.
هذا يختلف كليًّا عن وضع رونالدو الذي كان يمثل الحل الفردي الأول في اليونايتد، وكان عليه في كثير من الأحيان أن يصنع الفارق بنفسه بعيدًا عن هيمنة الفريق المطلقة.
ختامًا، ما فعله هالاند بكسر رقم الأهداف إنجاز مرعب يؤكد براعته كقناص، ولكن بقاء تفوق رونالدو في جانب الصناعة والمهارة يذكرنا بدرس مهم: هالاند هو اليد التي تضغط على الزناد ببراعة، لكن كريستيانو رونالدو كان هو المسدس، والطلقة، واليد التي تطلقها.