في مباراة الأهلي ضد الرائد التي غاب عنها المهاجم الأساسي إيفان توني، وجد فراس البريكان نفسه وحيدا في خط الهجوم الأهلاوي، يتقمص دور رأس الحربة.
لكن سرعان ما اتضح أن اللاعب يعاني من توهان واضح، وكأنه نسي تماما أبجديات التحرك داخل منطقة الجزاء، أو كيف يستغل الفرص المتاحة.
حالة البريكان المؤسفة هذه لم تأتِ من فراغ، فاللاعب الذي كان يُعتبر أحد أبرز المهاجمين الصريحين في الدوري السعودي، وجد نفسه على مدار الأشهر الماضية حبيسا لدكة البدلاء أو مُجبرا على اللعب في مركز الجناح الأيسر تحت قيادة المدرب ماتياس يايسله.
تغيير المركز.. بداية التدهور
لا يلوم ماتياس يايسله إلا نفسه على هذا الأداء الباهت أمس، فكيف للاعب يمتلك حسا تهديفيا عاليا ومهارات مميزة في مركز المهاجم الصريح، أن يتم تهميشه أو إجباره على اللعب في مركز مختلف تماما؟ قرار وضع البريكان كجناح أيسر، يُعد بمثابة إهانة لقدرات اللاعب وتجاهل تام لنقاط قوته.
فالجناح الأيسر يتطلب مهارات مختلفة تماما عن تلك التي يتميز بها المهاجم الصريح، مثل الاختراق من الأطراف، وإرسال العرضيات المتقنة، والقدرة على المراوغة في المساحات الضيقة. وهي ليست بالضرورة نقاط قوة البريكان.
أرقام تتحدث.. خسارة مهاجم قناص
الأرقام تتحدث بوضوح عن حجم الضرر الذي لحق بالبريكان نتيجة هذه القرارات، ففي الموسم الماضي، كان اللاعب هو أحد أفضل هدافي الأهلي، مُسجلًا 19 هدفا ومُساهما بـ 8 تمريرات حاسمة.
أما في هذا الموسم، وبعد مرور جزء كبير منه، فإن رصيده التهديفي لا يتجاوز 5 أهداف، بينما لم يصنع سوى 4 أهداف. هذا التراجع المهول في الأداء والإنتاجية الهجومية يُشير بوضوح إلى أن شيئا ما قد تغير في طريقة تعامل اللاعب مع المباريات، وهذا التغيّر غالبا ما يكون مرتبطًا بالثقة التي فقدها نتيجة لتغيير مركزه وعدم الاعتماد عليه بشكل أساسي في المركز الذي يُجيده.
تأثير سلبي على منظومة الأهلي الهجومية
إن مركز المهاجم الصريح يُعتبر حجر الزاوية في أي فريق يسعى لتحقيق الانتصارات والألقاب، وجود مهاجم قناص قادر على ترجمة الفرص إلى أهداف يُعد بمثابة قوة ضاربة لا يمكن الاستغناء عنها، وفراس البريكان كان يمتلك هذه الميزة، لكن يبدو أن يايسله قرر بطريقة أو بأخرى أن يُضعف هذه القوة؛ فبدلا من الاعتماد على البريكان في مركزه الطبيعي، وتطوير قدراته واستغلالها بالشكل الأمثل، تم وضعه في مركز غريب عليه؛ ما أفقده الكثير من بريقه وثقته بنفسه.
إن تهميش لاعب بقيمة فراس البريكان لا يؤثر عليه وحده، بل يمتد تأثيره ليشمل الفريق بأكمله. فالأهلي يفقد بذلك سلاحا هجوميا مهما كان يمكن أن يُسهم بشكل كبير في تحقيق نتائج أفضل.
كما أن هذا التعامل قد يُرسل رسالة سلبية إلى بقية اللاعبين، مفادها أن الأداء المميز في مركز معين قد لا يكون كافيا لضمان الحصول على فرصة اللعب في هذا المركز تحت قيادة يايسله.
ختاما، يمكن القول إن حالة فراس البريكان، أمس، هي مجرد مثال واحد على كيفية تأثير القرارات الخاطئة للمدرب على أداء اللاعبين ومن ثم على قوة الفريق.
يايسله يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تراجع مستوى البريكان، وذلك بسبب إصراره على وضعه في مركز لا يُناسب قدراته، إذا كان المدرب يسعى حقا لاستغلال كامل إمكانات فريقه، فعليه أن يعيد النظر في طريقة تعامله مع اللاعبين، وأن يمنح كل لاعب الفرصة للعب في المركز الذي يُجيده ويُقدم فيه أفضل ما لديه، وإلا فإن "أقوى أسلحة الأهلي" ستظل مُعطلة، وسيدفع الفريق ثمن هذه القرارات السيئة.