في عالم كرة القدم الحديث، لم تعد الصفقات مجرد انتقال لاعب من نادٍ إلى آخر، بل أصبحت منظومة معقدة من القواعد المالية والعقود الاستراتيجية، ومؤخرًا، بعد رحيله حديثًا عن النادي الأهلي، انضم المهاجم وسام أبو علي إلى صفوف نادي كولومبوس كرو في خطوة مهمة بالدوري الأمريكي.
ورغم أن الحديث عن العودة قد يبدو مبكرًا، فإن بنود وتفاصيل العقد الذي رحل به اللاعب ليست تقليدية على الإطلاق، فهي تستند إلى قاعدة استثنائية قد تكون المفتاح الذي يعيده إلى القلعة الحمراء بشكل أسرع مما يتصور البعض.
"قاعدة بيكهام".. جواز السفر إلى أمريكا
انتقل وسام أبو علي إلى الدوري الأمريكي (MLS) عبر بوابة "قاعدة اللاعب المُعيَّن"، وهي قاعدة استثنائية صُممت خصوصًا لتجاوز عقبة "سقف الرواتب" الصارم الذي يفرضه الدوري على الأندية.
هذه القاعدة، التي اشتُهرت إعلاميًّا باسم "قاعدة بيكهام" نسبةً إلى أنها استُحدثت لتسهيل انتقال النجم ديفيد بيكهام، تسمح لكل نادٍ بتسجيل ثلاثة لاعبين برواتب ضخمة تتجاوز السقف، على أن يتحمل ملاك النادي الجزء الأكبر من الراتب مباشرةً.
ولعل أبرز مثال حالي هو الأسطورة ليونيل ميسي مع نادي إنتر ميامي، والذي تم تسجيله بالآلية ذاتها.
عبء النجومية.. سيف ذو حدين
هنا يكمن جوهر الأمر، فتسجيل وسام أبو علي، الذي يمتد عقده حتى عام 2027 مع خيار التمديد لعام 2028، بهذه القاعدة يضعه تحت ضغط هائل.
فهو لا يشغل مكان لاعب عادي، بل أحد المقاعد الثلاثة الثمينة المخصصة للنجوم الذين يُمثلون استثمارًا ضخمًا للملاك.
بالتبعية، يُصبح اللاعب "عبئًا" منذ اللحظة الأولى إذا لم يقدم المردود المذهل المنتظر منه، فالتوقعات لا تتوقف عند الأداء الجيد، بل تصل إلى أرقام حاسمة، كأن يسجل ما بين 10 إلى 15 هدفًا في الموسم.
إن لم يتمكن من تحقيق هذا التأثير، سيتردد النادي الأمريكي في استمراره كونه يستهلك مكانًا وراتبًا استثنائيًّا يمكن منحه لنجم عالمي آخر.
ورقة الأهلي الرابحة في مفاوضات العودة
وهنا تظهر "الورقة الرابحة" التي يمتلكها النادي الأهلي، فبحسب التقارير، يتضمن عقد بيع وسام أبو علي شرطًا يمنح الأهلي نسبة 15% من قيمة إعادة بيعه مستقبلًا لأي نادٍ في منطقة الشرق الأوسط.
هذا الشرط يعني أن أي عرض سيقدمه الأهلي لاستعادة اللاعب سيكون له أفضلية استراتيجية، فالنادي الأمريكي سيحصل على 100% من قيمة عرض الأهلي، بينما سيحصل على 85% فقط من قيمة عرض أي منافس آخر في المنطقة.
هذا البند يجعل عرض الأهلي، حتى لو كان أقل قليلًا من العروض الأخرى، هو الأكثر جدوى من الناحية المالية للنادي الأمريكي.
في النهاية، يبدو أن رحيل وسام أبو علي لم يكن وداعًا نهائيًّا بقدر ما كان خطوة استثمارية محفوفة بالمخاطر لكافة الأطراف.
فالقاعدة التي نقلته إلى أمريكا هي نفسها التي تضع مستقبله على المحك، والشرط الذي وُضع في عقده يمنح الأهلي الأفضلية لاستعادته.
فإن لم يتألق في الملاعب الأمريكية، فقد تكون رحلة عودته إلى "التتش" أقرب وأرخص مما كان يتخيل أحد.