انتهت مغامرة ليفربول في دوري أبطال أوروبا بخيبة أمل مريرة في ملعب "آنفيلد"، حيث سقط الريدز أمام باريس سان جيرمان بهدف نظيف في إياب دور الـ16 بعد وقت إضافي وركلات ترجيح، ليودعوا البطولة بصعوبة بالغة.
هذا الخروج الموجع لا يمثل فقط نهاية مشوار أوروبي، بل يلقي بظلاله على حظوظ نجم الفريق الأول، المصري محمد صلاح، في المنافسة على جائزة الكرة الذهبية هذا العام، والتي أصبحت الآن أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
كان ليفربول يدخل مباراة الإياب بأفضلية معنوية من مباراة الذهاب في فرنسا لكن المدرب آرني سلوت، في أول اختبار أوروبي حقيقي له مع الفريق، وقع في فخ سلسلة من الأخطاء التكتيكية التي منحت باريس سان جيرمان بطاقة التأهل، وربما أبعدت محمد صلاح خطوة أخرى عن حلمه الشخصي الأغلى، في موسم حتى الآن هو الأخير له في صفوف الريدز.
الخطيئة الأولى: إغفال خطورة ديمبلي
يبدو أن سلوت ركز بشكل مبالغ فيه على التعامل مع باريس سان جيرمان كفريق جماعي وأغفل خطورة النجم الأبرز صاحب التهديد عثمان ديمبلي.
خطة ليفربول الدفاعية بدت مصممة للاحتواء، لكنها تركت مساحات واسعة لديمبلي في الجبهة اليمنى الباريسية، وهذا التجاهل للنجم الفرنسي كان مكلفا للغاية، حيث استغل الجناح الفرنسي هذه المساحات ببراعة، وكان مصدر الخطورة الأكبر على مرمى ليفربول طوال المباراة وسجل الهدف الأول من خطأ دفاعي ساذج.
الخطيئة الثانية: الضغط العالي غير الفعال
اعتمد سلوت على الضغط العالي في محاولة لاستعادة الكرة في مناطق متقدمة من الملعب، لكن هذا الضغط افتقر إلى التنظيم والفاعلية.
لاعبو باريس، بمهاراتهم الفردية وقدرتهم على التمرير تحت الضغط، تمكنوا من اختراق هذا الضغط العالي بسهولة، وتحويله إلى هجمات مرتدة خطيرة.
الضغط العالي الذي كان من المفترض أن يكون أداة هجومية ودفاعية، تحول إلى استنزاف بدني للاعبي ليفربول دون تحقيق الهدف المنشود، بل وفتح المجال أمام ديمبلي تحديدا لاستغلال المساحات الناتجة عن هذا الضغط غير المنظم.
الخطيئة الثالثة: أين شخصية ليفربول؟
الأكثر إثارة للقلق، أن هذه الهزيمة لم تكن وليدة مباراة الذهاب فحسب، بل بدأت ملامحها في مباراة الإياب على ملعب الريدز، الذي اعتاد على فرض سيطرته وشخصيته القوية على ملعبه، فشل في القيام بذلك أمام باريس سان جيرمان.
بالرغم من اللعب على أرضه ووسط جماهيره، سمح ليفربول للفريق الباريسي بفرض أسلوب لعبه، والدليل على ذلك هو تفوق باريس سان جيرمان في عدد التسديدات والفرص الخطيرة في مباراة الإياب.
باريس سدد كرات أكثر، وكانت فرصه تقريبا ضعف فرص ليفربول في آنفيلد؛ ما يشير إلى فشل ذريع في فرض شخصية ليفربول المعهودة، حتى على ملعبه، وهو ما مهد الطريق لهذا الوداع الأوروبي المحبط.
الخطيئة الرابعة: التغييرات المتأخرة وغير المجدية
مع مرور الوقت وتزايد الضغط الباريسي، بدا واضحا أن خطة سلوت بحاجة إلى تعديل، لكن المدرب تأخر في إجراء التغييرات، وعندما قام بها، كانت غير مؤثرة وغير قادرة على قلب موازين المباراة.
كان من المتوقع إجراء تغييرات تكتيكية مبكرة لتعزيز خط الوسط أو تغيير طريقة اللعب، لكن سلوت تردد في اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب؛ ما منح باريس سان جيرمان الأفضلية في إدارة المباراة؛ إذ جاء أول تغيير قبل نهاية الوقت الأصلي بربع ساعة فقط.
الخطيئة الخامسة: الاستسلام الذهني في الوقت الإضافي
بعد انتهاء الوقت الأصلي بتقدم باريس بهدف وبالتعادل في مجموع اللقاءين ودخول الفريقين إلى الوقت الإضافي، ظهر على لاعبي ليفربول علامات الإرهاق والاستسلام الذهني.
فقد الفريق القدرة على مجاراة الإيقاع العالي للمباراة، وتراجع الأداء البدني والذهني بشكل ملحوظ، هذا الاستسلام الذهني في لحظات الحسم، سمح لباريس سان جيرمان بالسيطرة على مجريات الأمور في الوقت الإضافي، وأن يكون أكثر قوة في ركلات الترجيح في الوقت الأهم.