بكلمة واحدة، لخص المدرب البرتغالي الأسطوري جوزيه مورينيو واقعًا قد يكون من الصعب على الكثيرين تقبله، فعندما سُئل عن إمكانية تدريب النادي الأهلي المصري، جاء رده قاطعًا ومباشرًا: "هراء".
لم تكن إجابته تقليلًا من قيمة النادي الأكثر تتويجًا في أفريقيا، بل كانت انعكاسًا للفجوة الهائلة التي تفصل بين طموحات الجماهير وواقع سوق المدربين العالميين.
هذا التصريح يفتح الباب لتحليل أعمق للعقبات الحقيقية التي تمنع الأهلي من التعاقد مع مدرب من الصف الأول عالميًّا.
1. العقبة المالية: فجوة لا يمكن تجاهلها
أول وأوضح حاجز هو الراتب، يتراوح متوسط رواتب المدربين الناجحين في الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى بين 6 إلى 15 مليون يورو سنويًّا، وقد يتجاوز ذلك بكثير.
في حين أن الأندية الخليجية أصبحت قادرة على سد هذه الفجوة، يظل هذا الرقم تحديًا هائلًا لميزانية أي نادٍ مصري، بما في ذلك الأهلي.
ولكن لنفترض جدلًا أن النادي تمكن من تأمين التمويل اللازم عبر رعاة أو دعم استثنائي، فإن المال وحده لا يكفي، وهو ما يقودنا مباشرة إلى العقبة التالية.
2. فجوة الطموح: ما هو المشروع الذي سيقنعهم؟
لماذا قد يترك مدرب مثل مورينيو، أو حتى لوتشيانو سباليتي، قمة كرة القدم الأوروبية بكل ما فيها من بريق وتحديات، ليتجه إلى قارة أفريقيا؟ هؤلاء المدربون تُحركهم المشاريع الرياضية المتكاملة، فهم يبحثون عن دوري أبطال أوروبا، ومنافسة أفضل لاعبي العالم، وبنية تحتية عالمية، وتغطية إعلامية تليق بمسيرتهم.
المشروع الذي يمكن تقديمه في أفريقيا، رغم احترامه، لا يزال يفتقر إلى هذه العناصر الجاذبة، فكرة إقناع مدرب من هذا النوع بترك كل ذلك من أجل تحدٍ إفريقي تبدو شبه مستحيلة في ظل المعطيات الحالية.
3. معضلة الدافع: يأتي للبناء أم للتقاعد المالي؟
إذا تمكن النادي بأعجوبة من تجاوز العقبتين المالية والرياضية، فإنه سيصطدم بحائط الدافع، أي مدرب عالمي جاد في هذه المرحلة من مسيرته لن يرى في الأهلي مشروعًا رياضيًّا يبني عليه إرثه القادم، بل غالبًا ما سينظر إليه كفرصة لتحقيق عقد مالي ضخم في مرحلة أقرب إلى التقاعد.
هذا يعني أن المدرب سيأتي بدوافع مالية بحتة، وليس لديه الشغف الحقيقي لخوض التحديات اليومية؛ ما سيؤثر حتمًا في النتائج ويحول المشروع الطموح إلى مجرد صفقة فاشلة ومكلفة.
4. بركان الضغط: حيث لا تُغتفر الأخطاء
أخيرًا، حتى لو تم تجاوز كل ما سبق ووصل المدرب العالمي إلى القاهرة، فإنه سيجد نفسه في مواجهة ضغط إعلامي وجماهيري لا يرحم.
كل قرار سيتخذه، وكل نتيجة سلبية، سيتم وضعها تحت مجهر النقد، ليس فقط بسبب حجم النادي، بل بسبب اسمه الكبير وراتبه الضخم.
التوقعات ستكون غير واقعية، حيث سيطالبه الجميع بالفوز بكل مباراة وبأداء أسطوري، وأي تعثر سيتحول إلى أزمة كبرى، وهذا الضغط الهائل قد لا يتحمله مدرب اعتاد على بيئة عمل مختلفة؛ ما يعجّل بنهاية التجربة بشكل كارثي.