سجّلت الرياضة التونسية خلال العام 2024 نتائج متبانية تراوحت بين الإنجازات اللافتة في الألعاب الفردية وذلك في أولمبياد باريس 2024، وبين النكسات المحبطة في بعض الرياضات الجماعية وفي مقدمتها كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في البلاد.
وقبل ساعات على توديع العام 2024، لا تزال الميدالية الذهبية التي أحرزها لاعب التايكواندو فراس القطوسي في الألعاب الأولمبية الأخيرة في باريس، وذلك في شهر أغسطس الماضي واحدة من أكبر الإنجازات الرياضية لتونس على مدار العام الجاري.
وسجلت منتخبات كرة القدم التونسية في كل الأصناف حضورا باهتا في العام 2024، فيما عاشت اللعبة على وقع التجاذبات والأزمات وغياب الاستقرار ما أفضى إلى تدخل الاتحاد الدولي (فيفا) لتعيين هيئة وقتية لتسوية الأزمة.
وفي ما يلي تقدم "إرم نيوز" أبرز النتائج التي حققتها الرياضة التونسية على مدى الأشهر الإثني عشر للعام 2024:
كرة القدم.. نكسات بالجملة وفراغ إداري
في مفتتح العام الجاري، سافر المنتخب التونسي إلى كوت ديفوار للمشاركة في أمم إفريقيا 2024، محملا بالكثير من الأمنيات والأحلام بإنجاز كروي في معقل بلاد العاج، لكن تلك الأحلام سرعان ما تكسرت على صخرة الواقع المتردي الذي تعيش على وقعه اللعبة بعد المشاركة في مونديال قطر 2022.
وخرج نسور قرطاج من الدور الأول بعدما تذيلوا ترتيب المجموعة الخامسة برصيد نقطتين ودون تحقيق أي فوز في 3 مباريات أمام ناميبيا ومالي وجنوب إفريقيا.
وعقب تلك النكسة الكروية، أقال اتحاد كرة القدم، الذي كان يديره مجلس مؤقت بعد اعتقال وديع الجريء، المدرب جلال القادري، وتم تعيين منتصر الوحيشي الذي أقيل من مهامه لسوء النتائج.
وفي يوليو الماضي عين اتحاد الكرة المدرب فوزي البنزرتي الذي لم يدم بقاؤه في منصبه طويلا، ليعوضه مساعده قيس اليعقوبي في 3 مباريات من تصفيات كأس أمم إفريقيا 2025.
وتأهل المنتخب التونسي بشق الأنفس إلى نهائيات "المغرب 2025"، لكنه خلف الكثير من الانتقادات والخيبة حول أدائه ونتائجه المحبطة بحلوله ثانيا في ترتيب المجموعة الأولى وتلقيه خسارتين على أرضه للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته بالتصفيات.
وكانت الكرة التونسية عاشت على وقع التجاذبات والفراغ الإداري والقانوني في العام الجاري، بعد إلغاء الانتخابات في مناسبتين: مارس ومايو 2024، والعجز عن الخروج من حالة "المؤقت" ليدخل الاتحاد الدولي للعبة ويعين مجلسا مؤقتا لتسوية الأزمة وذلك في أغسطس الماضي في انتظار أن تقام الانتخابات يوم 25 يناير 2025.
ولم تكن نتائج منتخبات الشبان أفضل من المنتخب الأول، إذ تلقى منتخب الشباب صدمة مدوية في تصفيات أمم إفريقيا التي دارت مؤخرا في الإسماعيلية وفشل في جحز بطاقة التأهل للنهائيات.
وعلى منواله سار منتخب الناشئين الذي فرّط بطريقة غريبة في التأهل للنهائيات، وحل ثالثا وراء مصر والمغرب في البطولة التأهيلية لمنتخبات شمال إفريقيا ليغيب بدوره عن "الكان 2025".
وعلى مستوى الأندية، لم تكن الحصيلة أفضل، إذ باستثناء وصول الترجي التونسي لنهائي دوري أبطال إفريقيا وتأهله لكأس العالم للأندية 2025، كانت نتائج الفرق في المسابقات القارية محبطة بإقصاء الاتحاد المنستيري والأولمبي الباجي من الدور الأول، فيما غادر الإفريقي سباق الكونفدرالية من دور المجموعات.
نتائج ضعيفة لكرة اليد والتنس والسباحة
وفي رياضة كرة اليد، اللعبة الشعبة الثانية في البلاد، خيب منتخب تونس تطلعات الجماهير في بطولة أمم إفريقيا التي احتضنتها مصر بداية العام الحالي، وذلك بخروجه من الدور نصف النهائي.
وعرفت رياضة التنس، التي كانت "مفخرة" الرياضات الفردية في تونس من خلال أنس جابر، تراجعا مدويا، إذ فشلت "وزيرة السعادة" مثلما تلقب في الأوساط العربية والعالمية في الحصول على أي لقب في مسار بطولات رابطة محترفات التنس، بينما غادرت سباق البطولات الأربع الكبرى (غراند سلام) من الدور الأول.
وكانت الآمال معلقة على أنس جابر للمشاركة في الألعاب الأولمبية 2024 وتعزيز حضور تونس وحظوظها في اعتلاء منصات التتويج، لكن اللاعبة البالغة من العمر 30 عاما، تراجعت عن المشاركة لأسباب صحية وفق قولها في وقت سابق.
وسجلت أنس جابر تراجعا مذهلا في ترتيب لاعبات التنس المحترفات، إذ بدأت العام الجاري وهي في المركز السابع لتنهيه في المرتبة 42.
بدوره، خيب البطل الأولمبي والعالمي، السباح أحمد الحفناوي تطلعات الجماهير بعدما تراجع عن المشاركة في الأولمبياد لأسباب لا تزال تشكل لغزا حتى الآن على الرغم من تصريح صاحب ذهبية 800 متر سباحة حرة في طوكيو 2021، بأن غيابه يعود إلى عدم جاهزيته البدنية.
إنجازات تاريخية في التايكواندو والمبارزة
ومقابل خيبة منتخبات الرياضات الجماعية، كانت الألعاب الأولمبية 2024، التي احتضنتها باريس في يوليو وأغسطس الماضيين فرصة للرياضيين التونسيين في الألعاب الفردية لرفع راية بلادهم عاليا في الحدث الأولمبي.
وكان الامتياز في 2024، للاعب التايكواندو فراس القطوسي الذي أحرز الميدالية الذهبية لوزن 80 كيلوغراما، وهي أول ذهبية لتونس في رياضة التايكواندو والثانية للرياضيين العرب في تاريخ الأولمبياد.
ولم تقتصر إنجازات رياضة التايكواندو التي تعد من الألعاب التي لا تحظى بأي دعم من السلطات، على ذهب القطوسي، لينجح محمد خليل الجندوبي في تسجيل اسمه في سجلات الألعاب الأولمبية للنسخة الثانية تواليا.
وأحرز الجندوبي الميدالية البرونزية في باريس 2024، وهي الثانية له بعد أن كان فاز بالفضية قبل 3 سنوات وتحديدا في نسخة طوكيو 2021.
وأحرزت تونس في تلك النسخة من الألعاب على 3 ميداليات، من معادن مختلفة، فقبل القطوسي والجندوبي، كان لاعب المبارزة بسلاح السيف فارس الفرجاني قد أهدى تونس والعرب أول إنجاز أولمبي في باريس بفوزه بالميدالية الفضية.
وكان منتخب تونس لألعاب ذوي الهمم تألق أيضا في الألعاب البارلمبية الموازية في باريس وذلك بتتويجه بـ11 ميدالية موزعة على 5 ذهبيات كان النصيب الأكبر منها للاعبة دفع الجلة روعة التليلي، و3 فضيات و3 برونزيات.
وتقف الرياضة التونسية في العام 2025، أمام الكثير من التحديات التي ستكون بدايتها بمشاركة منتخب كرة اليد في بطولة العالم (النرويج ـ الدانمارك ـ كرواتيا ) بينما سيخوض الترجي مونديال الأندية في يونيو المقبل، ويلعب منتخب كرة القدم في أواخر العام المقبل نهائيات كأس أمم إفريقيا (المغرب 2025).