في عالم كرة القدم، لا مكان للصدفة، وما حققه المنتخب الأردني في بطولة كأس العرب الحالية لم يكن ضربة حظ، بل نتاج عمل تكتيكي وفني شاق، هذه الكلمات رسالة تحذير شديدة اللهجة نضعها على طاولة الجهاز الفني للمنتخب السعودي قبل موقعة نصف النهائي المرتقبة.
على الصقور الخضر أن يفتحوا أعينهم جيدًا؛ فالمنتخب الأردني ليس لقمة سائغة، حتى وإن مال أسلوبه للدفاع. السيناريو القاسي الذي عاشه المنتخب العراقي قد يتكرر بحذافيره أمام السعودية إذا لم يتم التعامل مع المباراة بحذر شديد.
هذه المواجهة لن تكون نزهة كروية، بل معركة تكسير عظام كروية، ونستعرض هنا 4 نقاط قوة لدى "النشامى" قد تشكل كابوسًا للمنتخب السعودي:
1. "الأخطبوط".. يزيد أبو ليلى
إذا كان لكل فريق نقطة ارتكاز يعتمد عليها، فإن الحارس يزيد أبو ليلى يمثل نصف قوة المنتخب الأردني في هذه البطولة، الحارس المتألق، الذي استحق لقب "الأخطبوط" عن جدارة، يعيش حالة من التوهج الفني غير العادية. قدرته الفائقة على التمركز الصحيح وسرعة رد الفعل في الكرات الانفرادية تمنح زملاءه المدافعين ثقة عمياء، وتزرع الشك في نفوس مهاجمي الخصم.
اختراق شباك أبو ليلى سيتطلب من مهاجمي السعودية تركيزًا ذهنيًا عاليًا جدًا وإنهاءً دقيقًا للهجمات، فأنصاف الفرص لا تكفي أمامه.
2. التنظيم الدفاعي الحديدي
ما يقدمه الأردن ليس مجرد تكتل دفاعي عشوائي، بل هو منظومة دفاعية منضبطة للغاية. الفريق يجيد إغلاق المساحات وتضييق الخناق على مفاتيح لعب الخصم، خاصة في العمق، مما يجبر المنافس على اللجوء للأطراف أو التسديد البعيد.
لقد شاهدنا كيف عانى الهجوم العراقي القوي في إيجاد ثغرة واحدة طوال 90 دقيقة. هذا الصلابة الدفاعية والتنظيم المحكم هو الفخ الذي يُنصب للسعودية، حيث يتقن الأردن لعبة الصبر وامتصاص حماس الخصم حتى يوقعه في المحظور.
3. سلاح المرتدات الفتاك
لعل أخطر ما يواجه المنتخب السعودي هو قدرة "النشامى" المذهلة على التحول من الدفاع للهجوم في ثوانٍ معدودة. المرتدات الأردنية ليست عشوائية، بل هي "سلاح الغدر المشروع" الذي يعتمدون عليه لقتل المباريات.
بوجود لاعبين يمتلكون سرعات فائقة مثل علي علوان، يصبح أي تقدم غير محسوب للمدافعين السعوديين بمثابة انتحار تكتيكي.
الأردن لا يحتاج للاستحواذ على الكرة ليسجل؛ هم يحتاجون فقط لخطأ واحد في التمركز لاستغلال المساحات الشاغرة خلف الأظهرة.
4. الروح القتالية العالية "الغرينتا"
هناك عناصر في كرة القدم لا يمكن للتكتيك وحده قياسها، وعلى رأسها "الروح"، لاعبو الأردن يخوضون المباريات بعقلية المحاربين؛ لا توجد كرة مشتركة تضيع بسهولة، والالتحامات البدنية دائمًا ما تصب في مصلحتهم بفضل الشراسة المشروعة والقوة البدنية.
هذه "الغرينتا" تعوض أي فوارق فنية قد تميل نظريًا لصالح السعودية. اللعب أمام فريق يقاتل على كل شبر في الملعب يضع ضغطًا نفسيًا هائلاً على المنافس، ويجعل المباراة تبدو وكأنها معركة بدنية ونفسية قبل أن تكون فنية.