في ليلة كروية آسيوية مثيرة، وبينما كانت أنظار جماهير النادي الأهلي السعودي تترقب أداء فريقها المدجج بالنجوم في مستهل مشواره بدوري أبطال آسيا للنخبة، ظهر اسم لم يكن في الحسبان، ليخطف الأضواء ويثير الرعب في قلوب المدافعين.
إنه المهاجم الأوزبكي الشاب حسين نورشاييف، الذي سجل هدفين في الشوط الأول، معلنا عن نفسه بقوة على الساحة القارية.
لكن خلف هذين الهدفين تكمن قصة من الصمود والتحدي تجعل من عودته أكثر إلهاما.
حسين نورشاييف، ابن نادي ناساف كارشي الأوزبكي، ليس اسما جديدا على متابعي كرة القدم الآسيوية عن كثب.
تم تصعيده إلى الفريق الأول في عام 2020 وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وسرعان ما أثبت أنه يمتلك حاسة تهديفية فريدة. لم يحتج المهاجم الشاب سوى عام واحد ليُظهر معدنه الأصيل، ففي موسم 2021، انفجرت موهبته بشكل لافت.
في ذلك العام، قاد نورشاييف فريقه ناساف لتحقيق إنجاز بالوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الآسيوي، ولم يكتفِ بذلك بل نصب نفسه هدافا للبطولة، وهو إنجاز فردي كبير للاعب في مثل عمره؛ ما جعله محط أنظار العديد من الأندية خارج أوزباكستان.
بينما كان نجمه يسطع، والحديث يدور حول انتقاله إلى أحد الأندية الأوروبية الكبرى، تعرض نورشاييف لانتكاسة قوية في أواخر عام 2023. إصابة قاسية في الرباط الصليبي أبعدته عن الملاعب لأكثر من ثمانية أشهر، في فترة هي الأكثر حساسية في مسيرة أي لاعب شاب.
هذه الإصابة لم تحرمه فقط من مواصلة اللعب، بل أضاعت عليه فرصة تاريخية بالمشاركة مع منتخب بلاده في كأس آسيا، كما جمدت أحلامه بالانتقال إلى أوروبا، حيث كان نادي سيسكا موسكو الروسي يراقبه عن كثب تمهيدا للتعاقد معه. لقد كان كابوسا حقيقيا لموهبة كانت في أوج انطلاقتها؛ ما وضع مسيرته المهنية على المحك.
الكثيرون كانوا يتساءلون عما إذا كان نورشاييف سيعود بالقوة والفعالية التهديفية أنفسهما بعد غياب طويل وإصابة بهذا الحجم. لكن المهاجم الأوزبكي كان لديه رد آخر، ردٌ جاء في ليلة كبيرة وأمام خصم عنيد هو الأهلي السعودي.
الهدفان اللذان سجلهما في مرمى الحارس إدوارد ميندي لم يكونا مجرد هدفين عابرين، بل كانا بمثابة إعلان صريح عن عودته القوية.
لقد أظهر فيهما ما يميزه كمهاجم: الذكاء الحاد في التحرك دون كرة، والقدرة الفائقة على إنهاء الهجمات بلمسة واحدة. هو ليس من نوعية المهاجمين المهاريين الذين يعتمدون على المراوغة، بل هو "قناص" كلاسيكي بالفطرة، يعرف كيف يتمركز ويهرب من الرقابة الدفاعية ليخلق لنفسه المساحة المثالية للتسجيل، وهو بالضبط ما فعله في الهدفين اللذين صعقا دفاع الأهلي.
قصة حسين نورشاييف هي حكاية عن موهبة كادت أن تطفئها لعنة الإصابات، لكنها عادت لتتوهج من جديد بفضل العزيمة والإصرار.
هدفا الأمس لم يكونا فقط مصدر إزعاج للأهلي، بل كانا رسالة ملهمة بأن السقوط ليس النهاية، وأن العودة بقوة هي الخيار الوحيد للمواهب الحقيقية.