فجرت استقالة لجنة الحكام في الاتحاد التونسي لكرة القدم، أمس الثلاثاء، ضجة غير مسبوقة وموجة من ردود الأفعال في الأوساط الكروية وداخل اتحاد الكرة، فيما أكدت مصادر قريبة من لجنة الحكام لـ"إرم نيوز" أن الاستقالة نهائية ولا رجعة فيها.
وفي مفاجأة غير متوقعة، أعلنت لجنة الحكام في الاتحاد التونسي، التي يرأسها الحكم الدولي السابق ناجي الجويني منذ فبراير الماضي، استقالتها الجماعية.
وأرجعت لجنة الحكام في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على منصة فيسبوك، قرارها إلى عدة أسباب، أبرزها تردي ظروف العمل، بالإضافة إلى تأخر صرف مستحقاتهم المالية.
وبعد ذلك بوقت قصير، أعلنت هيئة التسوية، المكلفة بتسيير الاتحاد التونسي لكرة القدم، أنها ستدرس استقالة المشرف العام على التحكيم ناجي الجويني، وباقي أعضاء إدارة التحكيم
أوضاع مزرية
وكشف أمين برك الله الحكم الدولي المساعد السابق، وعضو لجنة الحكام والمتحدث الرسمي باسمها، في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن استقالة المشرف على لجنة الحكام ناجي الجويني ومعاونيه جاءت بعد معاينة الأوضاع الكارثية التي يعمل فيها حكام الدوري التونسي منذ سنوات، والتي لم تعقبها أي قرارات لا من السلطات ولا من اتحاد الكرة ولا من النوادي الرياضية، وفق قوله.
وأضاف أن تلك الأوضاع المزرية أجبرت كل أعضاء اللجنة على تقديم استقالة جماعية، بعد انفجار الأوضاع بشكل غير مسبوق، وتعطل لغة الحوار مع المسؤولين عن كرة القدم في تونس.
وقال برك الله: "يظل الحكم ومساعداه والحكم الرابع هم الحلقة الأضعف في كرة القدم في تونس، لقد تعرض حكامنا لأبشع أنواع الاعتداءات المعنوية واللفظية، وكانوا ضحايا حتى للعنف البدني في بعض المباريات، فضلا عن الهرسلة التي يتعرضون لها من قبل الجماهير في أثناء المباريات وبعدها".
وتابع: "رضي الحكام بكل الظروف المهينة التي يعملون فيها، وقبلوا حتى التدرب ليلا تحت جنح الظلام، كما أن اجتماعات أعضاء لجنة الحكام عادة ما تتم فوق السطوح، بسبب عدم وجود مقر لائق للجنة يحتضن اجتماعات وعمل أعضائها، مع ذلك لم يتحصل الحكام على مستحقاتهم طيلة أكثر من عام، الاستقالة كانت آخر قرار بعد استنفاد كل الحلول الممكنة، لم يعد هناك أي حل أمامنا".
وقالت هيئة التسوية، التي تم تعيينها من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، في أواخر يوليو الماضي، عن مختلف الخطوات التي تعتزم اتخاذها في المدة المقبلة لضمان تواصل نشاط الإدارة الوطنية للتحكيم والموسم الرياضي في أفضل الظروف.
وكشف أمين برك الله أن استقالة لجنة الحكام وأعضائها جاءت ليس فقط بسبب المستحقات المالية وإنما لعدم توفر ظروف عمل وحماية في أثناء الدريبات والمباريات، مضيفا أن الحكام يعيشون منذ 3 سنوات على الأقل على وقع الوعود الزائفة من قبل المجالس المتداولة على تسيير الاتحاد.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم الحكام: "لا يمكن أن يتواصل الوضع على ماهو عليه، طالبنا بتوفر 3 عوامل في السابق، وهي توفير مقر للجنة الحكام للقيام بعملها في أفضل الظروف، وملعب لائق لتدريبات الحكام حتى يكونوا جاهزين لإدارة المباريات بدنيا ومعنويا في أحسن الظروف، فضلا عن تسوية المستحقات المالية العالقة وقيمتها 3 ملايين دينار (مليون دولار تقريبا) ولكنّ أيًّا من تلك المطالب الثلاثة تم الاهتمام بها، وهذا ما تسبب في انفجار الأوضاع وتقديم استقالة جماعية."
وأكد برك الله أن "الحكام لن يديروا أي مباراة إلا إذا توفرت تلك الظروف"، مشيرا إلى أن "استقالة المشرف العام عن لجنة الحكام وكل أعضائها هي قرار نهائي لا يمكن الرجوع عنه".
ويطالب حكام الدوري التونسي بما يزيد على 3 ملايين دينار (مليون دولار) هي قيمة مستحقاتهم المالية لمدة من موسم 2022-2023 وموسم 2023-2024 كاملا.
وفي يونيو الماضي، بعد نهاية موسم 2023-2024، وعد الاتحاد التونسي لكرة القدم لجنة الحكام بصرف مبلغ 847 ألف دينار (ما يقارب 290 ألف دولار) بعنوان جزء مقدم من مستحقات الحكام، قبل أن يُتراجَع عن صرف تلك الأموال لأسباب لا تزال مجهولة.
أجور متدنية
ويتقاضى حكم الساحة في الدوري التونسي للمحترفين (الدوري الممتاز) 400 دينار (نحو 135 دولارا) عن المباراة الواحدة، فيما يتقاضى الحكم المساعد 300 دينار (100 دولار) والحكم الرابع على 150 دينار (50 دولارا)، وتقل تلك المبالغ بنسبة ضئيلة عند إدارة مباريات في دوري الدرجة الثانية.
ووقع اليوم الأربعاء نحو 643 حكما في الرجال والسيدات، على مذكرة يعلنون فيها بشكل جماعي مقاطعة إدارة المباريات في كل الدوريات المحترفة والهاوية التي ينظمها الاتحاد التونسي لكرة القدم.
ومنذ انطلاق موسم 2024-2025، تعالت أصوات الغضب والاحتجاجات في الدوري التونسي للمحترفين ضد الحكام بدعوى ارتكابهم أخطاء فادحة أدت إلى تحويل وجهة عديد المباريات وتغيير نتائجها.
وبعد 4 جولات فقط من الدوري التونسي للمحترفين، عاقبت لجنة الحكام 3 حكام وهم صديق اللموشي الحكم المساعد في مباراة الإفريقي وشبيبة العمران، وسيف الورتاني حكم الساحة في مباراة الترجي والملعب التونسي، فضلا عن حسام بالحاج علي حكم الساحة في مباراة النجم الساحلي والأولمبي الباجي.
