ما كان ليخطر ببال أحد أن صفقة انتقال نيمار دا سيلفا، نجم كرة القدم البرازيلي الأشهر، إلى نادي الهلال السعودي ستتحول إلى مسرح صراعٍ خفيّ، بل حرب باردة تُدار على جبهات متعددة، داخل وخارج المملكة.
فبعد أن هزّت الصفقة أركان كرة القدم العالمية في صيف 2023، جاء قرار المدرب جورج جيسوس باستبعاد نيمار من القائمة المحلية، ليُشعل فتيل أزمةٍ غير متوقعة، تخطّت حدود الرياض، لتصل إلى قلب البرازيل.
لم يكن قرار جيسوس مجرد قرارٍ فنيّ، بل بدا وكأنه رسالةٌ واضحةٌ لنيمار، مفادها أن الزعيم لن لأي لاعب مهما كان اسمه.
ولكن نيمار، المعروف بشخصيته القوية، لم يستسلم لقرار الإبعاد، بل قرر خوض معركة استعادة مكانته، ليس داخل الملعب فحسب، بل في الميدان الإعلامي أيضًا.
سلاح الإعلام.. الردّ البرازيلي على قرار جيسوس
أدرك نيمار أن صوته وحده لن يكون كافيًا لكسب هذه المعركة، فقرر الاستعانة بجيشٍ إعلاميّ برازيليّ، شنّ هجومًا مُكثفًا على جيسوس وإدارة الهلال، مُتهمًا إياهم بـ ظلم نجمٍ بحجم نيمار، والتقليل من شأنه.
لم تقتصر الحملة الإعلامية على الانتقادات، بل امتدت لتُشكك في قدرات جيسوس التدريبية، وتُعيد إلى الأذهان تاريخه المليء بـ الخلافات مع النجوم قبل رحلته في الهلال.
فينيسيوس ورافينيا.. قوةٌ ناعمةٌ في خدمة نيمار
لم يكتفِ نيمار بـ الضغط الإعلامي، بل استعان بـ قوةٍ ناعمةٍ لا يُستهان بها، تمثلت في زملائه في منتخب السيليساو، وعلى رأسهم فينيسيوس جونيور ورافينيا، اللذان أطلقا تصريحاتٍ نارية، دعمًا لنيمار، وانتقادًا مُبطنًا لقرار الهلال.
رافينيا، نجم برشلونة، عبّر عن خيبة أمله لقرار إبعاد نيمار، مُتسائلًا: كيف يُعقل أن يُحرم لاعبٌ مثل نيمار من اللعب؟ هذا القرار قد يُؤثر سلبًا على مستقبله، ويُعيق عودته إلى مستواه.
أما فينيسيوس جونيور، نجم ريال مدريد، فقد وصف نيمار بـ القدوة والأيقونة، مُشددًا على أهميته للكرة البرازيلية، قائلًا: نيمار هو رمزٌ للبرازيل، ونأمل في عودته القوية.
فوق كل ذلك أظهر نيمار إلتزامًا كبيرًا، مؤخرًا، في تدريبات الهلال وغاب عن المشاهد المثيرة للجدل سواء من سفر أو خروج عن النص، ليظهر للجميع أنه لاعب في حالة مثالية فلما يتم استبعاده محليًا؟
خلف الكواليس.. أسرار استبعاد نيمار
بينما تُشير أصابع الاتهام إلى جورجي جيسوس، مدرب الهلال، بأنه المُحرّك الرئيس لقرار استبعاد نيمار، تُطرح تساؤلاتٌ حول الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار، والأسباب الخفية التي قد تكون دفعت المدرب البرتغالي إلى تهميش أحد أبرز نجوم العالم.
بعيدًا عن التصريحات الرسمية، و المُبررات الظاهرية، تُوجد أسبابٌ مُحتملة قد تكون تراود جيسوس، دفعته لاتخاذ هذا القرار الجريء على رأسها إصابات اللاعب وابتعاده عن المستطيل الأخضر منذ إصابته بقطع في الرباط الصليبي في شهر أكتوبر 2023.
وغاب نيمار لمدة عام كامل بسبب هذه الإصابة بجانب أنه لم يظهر بجاهزية كاملة بعد عودته من الإصابة، كما أن نيمار لم يكن متأقلماً بالقدر الكافٍ مع أجواء الدوري السعودي.
ومن الأسباب التي دفعت جيسوس لهذا القرار شخصية نيمار نفسها والتي تتسم بالفردية، وتهدد بحدوث توتر في غرفة الملابس، بخلاف أن استبعاد اللاعب المخضرم رسالة قوية للسيطرة على الفريق وفرض الانضباط على الجميع.
حرب استنزاف.. من سينتصر في النهاية؟
يبدو أن الحرب الباردة بين نيمار والهلال قد دخلت مرحلة حرب الاستنزاف، فكل طرفٍ يُحاول إضعاف الآخر، باستخدام أسلحةٍ مُختلفة.
فهل سينجح نيمار في إجبار الهلال على التراجع عن قراره؟ أم أن الزعيم سيُصمد أمام الضغوط؟ وهل ستُؤثر هذه الأزمة على تركيز نيمار في دوري أبطال آسيا؟
أسئلةٌ كثيرةٌ تُطرح، في انتظار الفصل الأخير من هذه المسرحية الرياضية، التي تُشعل الأجواء في السعودية والبرازيل على حدٍ سواء.