منذ وطأت أقدام الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو ملاعب المملكة العربية السعودية، وانقسام حاد يضرب الشارع الرياضي حول تقييم مسيرته مع "العالمي".
فبينما يرى البعض أرقامه التهديفية إعجازاً، يلوح المعسكر المنافس بورقة صفر بطولات رسمية، مشيرين إلى خسارة الدوري ودوري أبطال آسيا وكؤوس المملكة المحلية.
لكن اليوم، يبدو أن الرياح تهب بما تشتهي سفن النصراويين، حيث جاءت بطولة كأس العرب للمنتخبات في نسختها الحالية لعام 2025، لتلقي بطوق نجاة غير متوقع، يعيد الاعتبار للقب الوحيد الذي رفعه "الدون" بقميص النصر.
يعيش جمهور النصر هذه الأيام حالة من الانتشاء المزدوج، ليس فقط لمتابعة العرس العربي، بل لأن الاعتراف الدولي والزخم الذي يمنحه الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) للنسخة الحالية، قدم لهم الحجة الدامغة التي طال انتظارها: البطولات العربية رسمية، وليست نزهة ودية.
ختم الفيفا.. صك الشرعية
النقطة المحورية في هذا التحول هي المظلة التي تقام تحتها المنافسات الحالية. فوجود الفيفا كشريك ومنظم ومشرف على كأس العرب، ألغى نغمة البطولات التنشيطية التي طالما استُخدمت للتقليل من شأن كأس الملك سلمان للأندية التي حققها رونالدو.
المنطق النصراوي الآن بات بسيطاً وقوياً، طالما أن الفيفا يعترف ببطولة تحمل مسمى العرب، ويحتسب مبارياتها، فإن اللقب الذي انتزعه رونالدو من قلب الطائف يكتسب صبغة الرسمية الدولية، مما يعني أن "صاروخ ماديرا" لم يخرج صفر اليدين من تجربته السعودية حتى الآن.
ليلة الطائف.. نهائي بوزن الذهب
وبعيداً عن الأختام الرسمية، يستحضر التقرير الواقع الميداني لتلك البطولة، لم يكن فوز النصر بلقب البطولة العربية للأندية مجرد نزهة صيفية، بل جاء عبر سيناريو درامي في نهائي يُصنف كأحد أقوى الديربيات في السنوات الأخيرة.
المنافس كان الهلال، زعيم آسيا، مدججاً بكامل نجومه وكتيبته العالمية الجديدة حينها. اللعب بعشرة لاعبين، العودة من التأخر، وتسجيل رونالدو لهدفين حاسمين، كانت كلها مؤشرات فنية تؤكد أن القيمة التنافسية للبطولة تضاهي، بل وتفوقت فنياً، على نهائيات قارية، وهذا القتال داخل الملعب هو ما يتكئ عليه الجمهور الآن للقول إن القيمة الفنية للقب لا تقل عن قيمته المعنوية.
إنصاف لجان التوثيق
ولم يتوقف الأمر عند اعتراف الفيفا الضمني عبر البطولة الحالية، بل جاء الدعم المحلي عبر مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية، حيث أشارت التقارير إلى احتساب البطولات العربية كمنجزات رسمية في سجلات الأندية، وهو ما اعتبره أنصار رونالدو شهادة ميلاد حقيقية للقبهم الغالي، ووثيقة رسمية تخرس ألسنة المشككين الذين حاولوا تصنيفها ضمن خانة المباريات الودية.
زخم لا يكذب
أخيراً، لا يمكن فصل الرسمية عن الزخم، فالمشهد الإعلامي والجماهيري الذي صاحب تتويج رونالدو، والاهتمام العالمي الذي رافق البطولة، وحالة الجنون التي عاشتها المدرجات، كلها عوامل تُستخدم اليوم لإثبات أن كرة القدم لا تعترف فقط باللوائح الجامدة، بل بالأثر الذي تتركه.
واليوم، مع سطوع نجم كأس العرب 2025، يرى النصراويون أن التاريخ ينصفهم، وأن رونالدو يمتلك لقباً رسمياً حقيقياً، ومعتمداً بختم الفيفا الجديد.
بالمحصلة، لم تعد البطولة العربية في عرف النصراويين مجرد كأس في الخزانة، بل أصبحت الدرع الذي يحمي إرث أسطورتهم من نيران الانتقادات، مستمدين قوتهم من مشهد كروي عربي بات العالم كله -بقيادة الفيفا- يقف له احتراماً.