لطالما كانت جماهير ليفربول تمني النفس برؤية الفتى الإيطالي المدلل في التشكيلة الأساسية، فيديريكو كييزا، الذي جاء إلى "آنفيلد" محاطًا بهالة من الحب والتوقعات، كان بالنسبة لكثيرين الورقة الرابحة التي يخبئها المدرب آرني سلوت، والبديل الاستراتيجي الذي قد يهدد، ولو قليلًا، سطوة النجوم الكبار في خط الهجوم.
لكن ليلة السبت أمام وولفرهامبتون لم تكن مجرد مباراة عادية، بل كانت لحظة الحقيقة التي سقطت فيها الأقنعة، وقُدمت فيها هدية غير متوقعة للملك المصري محمد صلاح.
سقوط معشوق الجماهير
حصل كييزا أخيرًا على فرصة العمر التي طالب بها عشاقه؛ المشاركة أساسيًا منذ الدقيقة الأولى. كانت المسرحية معدة له ليكون البطل، لكنه اختار أن يلعب دور الحاضر الغائب، 60 دقيقة كاملة قضاها الإيطالي تائهًا في أروقة الملعب، بلا هوية ولا بصمة.
لغة الأرقام كانت قاسية وكاشفة لفداحة الموقف: صفر تسديدات على المرمى، وعجز تام في الالتحامات الثنائية، وفقدان متكرر للكرة (10 مرات) رغم قلة لمساته.
بدا كييزا وكأنه يعزف نشازًا وسط سيمفونية ليفربول الجماعية، ما اضطر سلوت لسحبه وإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان. هذا الأداء الهزيل لم يخذل الجماهير فحسب، بل وجّه ضربة قاضية لكل من راهن على أن الإيطالي جاهز لقيادة "الريدز".
إنصاف لآرني سلوت
لأسابيع طويلة، تعرض المدرب الهولندي لضغوط وانتقادات مبطنة بسبب تهميشه لكييزا وإبقائه حبيس دكة البدلاء. الجماهير كانت ترى في ذلك تعنتًا، فيما كان المدرب يرى ما لا يراه المشجعون في التدريبات.
مباراة وولفرهامبتون جاءت لتكون بمرتبة صك البراءة لسلوت، فقد أثبتت التجربة العملية أن المدرب كان محقًا تمامًا في عدم الدفع باللاعب قبل اكتمال جاهزيته الذهنية والبدنية، كييزا بدا غير قادر على مجاراة إيقاع البريميرليغ السريع، وأثبت أن نظرة المدرب كانت أعمق بكثير من عاطفة المدرجات.
الهدية الثمينة لصلاح
لكن المستفيد الأكبر من هذه الليلة الدرامية لم يكن المدرب فقط، بل محمد صلاح، سقوط كييزا المدوي كان بمرتبة هدية مجانية قُدمت على طبق من ذهب للفرعون المصري.
الأداء الكارثي لبديله المحتمل وجّه رسالة شديدة اللهجة لإدارة النادي وللجماهير وللعالم أجمع: محمد صلاح ليس له بديل. أثبتت المباراة أن الفراغ الذي يتركه صلاح في الجناح الأيمن لا يمكن ملؤه بصفقة جديدة أو اسم لامع يحبه الجمهور، الفاعلية، الحسم، القدرة على صناعة الفارق، هي عملة نادرة يملكها صلاح وحده في هذا الفريق حتى لو لم يكن في أفضل أحواله.
الخلاصة
لقد خدم كييزا، دون أن يقصد، عرش محمد صلاح، فبدلًا من أن يشعل المنافسة، أكد للجميع أن الملك لا يزال يغرد منفردًا خارج السرب، وأن أي حديث عن تعويضه أو إراحته هو ضرب من الخيال حاليًا. كييزا قد يعود ويتألق مستقبلًا، لكنه أمس، وعن غير قصد، حاول الإمساك بتاج محمد صلاح فجعله يلمع أكثر من أي وقت مضى.